تسأل أحدهم: كيف الأحوال؟، فيسارع إلى الرد: (زفت)، أو لست بخير، أو (ومن أين يأتي الخير)؟، أو (الدنيا معانداني)، وكلها ردود تعني البطر على نعم الله عز وجل، وقد ترى بعضهم يقول لك: إن هذه الردود لإبعاد الحسد.

ولهؤلاء نقول: أولا تكفي الحمد لله على نعيم فضله؟.. فهي لا يمكن أن يصيبها حسد، وإنما اعتراف بنعم الله من جهة، ورضا بقضاء الله من جهة أخرى، أي تحمل في طياتها كل جميل.

فالصحابي على عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كان يحب أن يسأل صاحبه وأخاه في الله عن أحواله حتى يكون الرد ( الحمد لله) فيحصلوا على الأجر معًأ، ويذكروا الله معًا، أما الآن فقد تندم إذا سألت أحدهم (ما بك أو كيف حالك).؟

نسيان النعم 

يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: « إنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ »، وفيها يقول الإمام الحسن البصريَ رحمه اللّه : "الكنود" هو الذي يعد المصائب ، وينسى نعم اللّه عليه.. فقد يأتي يومًا ويندم هذا الشخص الذي لم يحمد الله يومًا على كل لحظة لم يحمد الله فيها، ذلك أن الشكر يديم النعم، فاللهم عافنا وأصلحنا وذكرنا واشغلنا بشكر نعمك.

إذ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: الحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه، ومن ثمّ فإن الرب هو الإله المحمود في الدنيا والآخرة.. المحمود قبل أن يخلق وبعد أن يخلق، وبعد إفناء الخلق وبعد بعثهم، قال تعالى: «وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (القصص:70)، ولمّ لا وهو «الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » (السجدة:7).

اقرأ أيضا:

"إن كان قال فقد صدق" قالها أبو بكر ولزمها الصحابة.. هكذا كانوا يتعاملون مع رسول الله

يذكرك الله

أوتعلم عزيزي المسلم، أنك بحمدك لله فإنه بجلاله وقدره وذاته العليا يرد عليك، فبمجرد أن يجري بها لسان العبد، يتجاوب الله مع عبده وهو يلفظها، «فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي»، والحمد لله هي أفضل الدعاء، وسر ذلك أنها متضمنة للثناء على الله عز وجل.

فقد روى الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله»، فالأعمال لها تأثير كبير في تقريب العبد من ربه أو إبعاده عنه، وبعض الأعمال أشد تأثيرًا من البعض الآخر.

في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض».