"مسلسلات وبرامج، ودورات رمضانية، ولقاءات على المقاهي، وربما شرب الشيشة حتى الفجر، وأشهى الأطعمة والعصائر والحلويات"، كلها أمور باتت للأسف تزين شهر رمضان الكريم، وكأن هذه هو الهدف الأساسي من هذا الشهر الفضيل الذي قال فيه رب العزة سبحانه وتعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة 185)، فهو شهر القرآن والصيام وقيام الليل، والهدف منه تقوية النفس على مقاومة الشهوات الحياتية، وليس المزيد منها كما هو بات شائعًا الآن.

احترام رمضان

يرجع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله، سبب انتشار الأعمال الترفيهية طوال شهر رمضان، بأن المسلمين لم يعودوا يحترمون هذا الشهر الفضيل كما في السابق، حيث كان الصحابة ينتظرونه طوال العام، ويبكون عند انتهائه، ولا يفوتون يومًا أبدًا بعيدًا عما يفيدهم من ذكر الله عز وجل، وإتيان الزكوات والصدقات، والتزاور للاطمئنان على بعضهم البعض، ذلك أنهم كانوا يعلمون أنه شهر روحاني عظيم، والحسنة فيه مضاعفة، وأنه من يكتب فيه من المغفور لهم نال أعظم وأكبر وأهم شرف في الدنيا كلها، فعلينا أن ننظر إلى رمضان على أنه شهر ضيف، لا يأتي في السنة إلا مرة واحدة، ويطول غيابه، فكيف بنا نستقبله بما لذ وطاب لملء بطوننا، وننسى ملء الروح بالخلق والآداب الجميلة التي يحملها هذا الشهر.

اقرأ أيضا:

"دحية الكلبي".. صحابي اختصه "جبريل" بشرف عظيم

تعظيم شعائر الله

فاحترام شهر رمضان إنما هو من تعظيم شعائر الله، قال تعالى يؤكد ذلك: «ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ» (الحج 32)، وهنا يقول الدكتور مصطفى محمود: بالنسبة لما يفعله المسلمون طوال شهر رمضان من سهر ومسلسلات وغيرها من الأعمال الترفيهية، فإن الخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية، ولكن يتم تحريمه ليلة الكريسماس احترامًا لذكرى ميلاد المسيح عندهم، إذن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام.. إنها مسألة احترام!.. فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام.. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف.. وبالتالي علينا أن نحترم شهر القرآن ونعرف ماذا نشاهد فيه!، وأن نعلم يقينًا أنه من ترك شيئًا لله عوضه الله خير منه، فلتكن أنت أول من يفعل ذلك، حاول أن تتخلى عن القليل من الرفاهيات، وأن تتحلى بقليلٍ من الاحترام وتقلب شاشة تلفزيونك، أو على أقل الاكتفاء بما يعزز احترامك لشهر رمضان الفضيل.