يسأل أحدهم.. ترى ما الذي يعين العبد المخطئ على تجاوز الخطأ؟، والإجابة قد تكون جلية لجميع المسلمين، إذ أنه لا يخفى على أحد أن الإسلام يجب ما قبله، وبالتالي فإن التوبة والاستغفار يمسحان كل الذنوب مادام كان العبد صادقًا في توبته.
عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، وبالتالي فإن هذا العفو يساعد الإنسان أن يستدرك شئون حياته بعد وقوعه في الخطأ أو المعصية، كما يساعده على ألا يتوقف عن شؤم الإحساس بالذنب وجلد الذات، فيوقف مسيرته ويتصور أن الحياة انتهت وينسى أو يتغافل عن أن الله عز وجل رحماته ومغفرته وسعت كل شيء مهما كان، قال تعالى: «قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ» (الأعراف 156).
إصلاح النفس
التوبة والاستغفار لاشك هما الدافع القوي الذي يساعد الإنسان على تجاوز مشاكله، خصوصًا إذا اعتبر أن أي بلاء يقع فيه إنما سببه ذنوبه، فتضطرب نفسه، إلا أنه مع التوبة والاستغفار يكون المفتاح الحقيقي لاستعادة السكينة والطمأنينة الغائبة، ولأجل ذلك شرع الاستغفار من الذنوب، وحض عليه النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كوسيلة دائمة تساعد المرء على التسامح مع نفسه والرضا عنها.
عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه فيما أخرجه البخاري ومسلم أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت قال «مالك؟» قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، فقال: «هل تجد إطعام ستين مسكينا؟» قال: لا. قال: «فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم، بعرق فيها تمر والعرق المكئل- قال: «أين السائل؟» فقال: أنا.. قال: «خذ هذا فتصدق به» فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت أنيابه ثم قال: «أطعمه أهلك».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعيسر التوبة
ولو فهمت هذا الحديث جيدًا لعلمت أن التوبة ما أيسرها، بل أن الله عز وجل يقبلها مهما كان الذنب، فعن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً ، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى . فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ ».