سأل شخص صديقه: كم يستغرق الطريق من بيتك إلى العمل؟، فأجابه: في وقت الزحام يستغرق 800 تسبيحة، وفي الوقت الهادئ يستغرق 200 تسبيحة.
وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم : " تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا للصلاة، قيل كم كان بينهما ؟ قال قدر خمسين آية ".
هكذا يحسب الصالحون أعمارهم بالذكر والتسبيح وبالآيات، لكي تكون اعمارهم وكل خطوة يخطوها أحد شاهدا لهم لا عليهم.
فالأرض التي نعيش عليها بكل تفاصيلها وبكل خطوة نخطوها فيها تشهد بكل ما عملنا عليها من خير أو شر، قال الله تعالى: "يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا"، سورة الزلزلة .
وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم، لما قرأ "يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا" قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها يوم تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول – أي الأرض -: عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها.
و تكتب الآثار إلى المساجد، وتشهد الأرض لمن مشى عليها إلى الخير أو إلى الشر، ولما أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك، فقال: بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم. أي: ألزموا دياركم الحالية، فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. رواه مسلم.
قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ"، سورة يس12.
وما على هذه الأرض من أشجار وبحار وأحجار تشهد علينا، روى البخاري عن أبي سعيد، قال لعبد الرحمن بن صعصعة: "إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت في الصلاة فارفع بالنداء، أي بصوتك، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة.
اقرأ أيضا:
متى ينفرد بك الشيطان وكيف تؤمن دفاعاتك حتى لا يسجل أهدافًا فيك؟لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم من سنته في صلاة العيد يمشي من طريق ويعود من طريق آخر.
واستحب بعض العلماء أن يصلي النافلة في غير مكان الفريضة.
وقال العلماء: من عصى الله تعالى في موضع من الأرض فليطعه في نفس الموضع حتى يشهد له بالحسنات، كما سيشهد له بالسيئات، وقد قال الله: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ"سورة هود 114.
فيا له والله من منظر مهول، هذه الأرض التي طالما وطئناها بأقدامنا، وعملنا عليها الذنوب والمعاصي فأثقلناها بذلك بالخطايا والآثام، ولم يشعر العاصي أنها ستنطق عليه، فتخبر بكل ما عمل عليها من زنا وقتل، وظلم وجور، وكذب وسرقة، ومقارفة للحرام، كما أنها ستشهد بالصلاة، والذكر، والتسبيح، والسير في الطاعات، والطواف، والسعي والتقرب إلى الله بعمل الخير.
ولا يملك الإنسان يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلا الاستسلام والاعتراف، ولكن قد فات الأوان.