مرت أيام عيد الفطر المبارك مسرعة، ودخل الناس في دوامة الحياة سريعًا، إلا أنه كثير منهم يغفل عن أن عيد الدنيا مهما طالت أيامه، فله نهاية محددة، بينما عيد الآخرة، فهو العيد الأبدي الذي ينتظره ويتمناه الجميع، ذلك أن هذا العيد الحقيقي هو من تكون فيه مع الحبيب صلى الله عليه وسلم.. أن تكون معه في دار الدنيا بالسير على خطاه، ثم تكون معه في دار البرزخ، وأن تكون معه في دار الآخرة.. المهم أن تكون مع حبيبك.
ذلك أن سر السعادة في العيد أن تكون مع حبيبك، ولذلك فقد كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى هذا المعنى الذي يخبر فيه عن درجة المحسنين فيقول: «أن تعبد الله كأنك تراه»، أي أن تكون مع المعية، إذا كنت مع المعية واستمرت المعية فهذا معناه استمرار الحب وكانت كل أوقاتك عيد.
العيد الحقيقي
بالتأكيد يرتبط العيد بالفرحة، وخروج الناس للاحتفال، لكن أي فرحة لا يمكن أن تقارن بفرحة الجنة وإتيانها، قال تعالى يوضح ذلك: «إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ » (المطففين: 22-24)، ذلك أنهم وجدوا النعيم المقيم الذي لا مثيل له، قال تعالى: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ » (عبس: 38-39)، فهو الضحك والبشرى الطيبة، إذ لا يمكن أن يفنى شبابهم، أو تبلى ثيابهم، ذلك أنهم يعيشون في نعيم دائم، ففي صحيح مسلم عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن أهل الجنة إذا دخلوها نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم أن تصِحُّوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تشِبُّوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدًا».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعالرضا الكامل
في العيد المعتاد بالدنيا، يتمنى الإنسان لو يرضى عنه ربه بقبول صيام رمضان، وأن يرضى عنه أهله، بأن يتزاورهم، لكن في عيد الآخرة، فالفرحة ليس لها مثيل، والرضا من نوع آخر.
في الحديث القدسي، يقول الله سبحانه وتعالى لأهل الجنة: «يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: يا رب وأيُّ شيءٍ أفضل من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عليكم رضواني، يا أهل الجنة هل رضيتم؟ أعطيكم أكثر من هذا، فتنكشف الحجب، فينظرون عياناً إليه تعالى، فيشغلهم عن كل نعيم، وعن كل لذة»، وهو ما تؤكده الآية الكريمة، قال تعالى: « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ » (القيامة: 22-23).