 
                                            في زماننا هذا، ينشغل كثير من الناس بأخبار غيرهم، وخصوصًا تلك التي تتعلق بالفضائح الأسرية، فترى الكل يهمس، وينقل الكلام، وهناك من يزيد عليه، حتى يصل الأمر من مجرد اشتباه في حدث ما، إلى يقين بأنه حدث، وربما من مجرد كلمة قيلت في حق امرأة ما، إلى أنها (زنت) بالفعل، وكأن الحديث عن مثل هذه الأمور بات يتلذذ بها الناس، وبات غاية يبحث عنها الجميع.
وبما أننا نعيش عصر مواقع التواصل الاجتماعي، بات الأمر أشبه بالعناوين الفجة التي تجذب المراهقين، فصار كثير من الناس مراهقين، وناقلين للكذب والزيف والاتهامات الباطلة، على الرغم من أننا نعلم يقينًا أن الله حرم ذلك صراحة في أكثر من موضع من القرآن الكريم.
تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا» (الأحزاب 58).
تتبع العورات
للأسف أن من ينقل أخبار الناس ويتتبع عوراتهم، يعلم جيدًا أن هذا محرم تمامًا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، بل أن الله عز وجل توعد هؤلاء بعذاب شديد.
قال تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (النور 4).
وفي ذلك قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ، وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ».
فكيف بمن يعرف ذلك جيدًا، ومع ذلك، يتمادى في متابعة أخبار الناس، وكأنها اللذة اليومية، أو طبق اليوم المفضل.. فمتى نعود إلى الله ونخشاه ونعلم أن ذلك من أكثر الأمور التي تطيح بالمجتمعات بعيدًا عن الاستمرار والتوافق والتحضر؟.
الستر أولى
يا من تتبع عورات الناس، هذا سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، حينما ذهب إليه أحدهم يعترف بالزنا، رده أكثر من مرة، حفاظًا على ستره وتوبته، بل أنه صلى الله عليه وسلم، لم يسأله أبدًا عن تلك المرأة التي زنا بها.
وها هو الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما استوقفه أحدهم يسأله بأن ابنته (زنت)، ثم تابت وأنابت، وتقدم لها أحدهم للزواج منها، فهل يخبره بذلك، فما كان من عمر إلا أن فزع فزعًا شديدًا، وأمر الرجل بألا يخبر أحدًا بما ستره الله على ابنته، بل ويزوجها دون الحديث فيما سبق.
هذا هو الإسلام الحقيقي الذي يرعى الستر قبل أي شيء حتى لو كان (حدود الله)، ومع ذلك ترى كثير من الناس يبحث عن الفضائح وكأن شغله الشاغل، فأين نحن من إسلامنا ونبينا صلى الله عليه وسلم، والفاروق عمر بن الخطاب؟.
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن هم أخيك؟ وكيف تفك كربه؟.. هذا أفضل ما تقدمه إليه مجانًا