هل خلق الله الشر؟.. ولو كان كذلك، فكيف به وهو الرحيم الغفور أن يخلق أمرًا يكون سببًا في الفرقة بين الناس؟.. والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، لكن لا يصح أن يقال خالق الشر والأشياء القبيحة، بل يقال إن جميع الموجودات مخلوقة لله، وإن خلق الشر ليس قبيحًا بل القبيح هو أن يختار الإنسان بمحض إرادته الشر وهو يدرى أن هذا شرًا، فمن الأدب مع الله أن ننسب إليه كل الخير، واليقين بأن الشر يخرج من أنفسنا نحن.
وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يدعو بالدعاء المأثور في قيام الليل ومنه: «والشر ليس إليك».
الخير من الله
ليس من الأدب أن يوصف الله بأنه أراد الشر بعباده وإن كان سبحانه هو خالقه، والدليل على ذلك ما قاله نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: «وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» (الشعراء:80)، وبمثل قول الجن كما في سورة الجن: «وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً» (الجـن:10).
فنبي الله إبراهيم لم يقل وإذا أمرضني، والجن لما ذكروا الشر ذكروه بالفعل المبني للمجهول، ولما ذكروا الخير أضافوه إلى ربهم وهذا من أدبهم، كما علينا ن نوقن في أن الشر يخرج من داخلنا، لأن تصرفاتنا تتبع هوانا، فإذا كان هوانا تبعًا لما جاء به المولى عز وجل، مؤكد ابتعدنا عن الشر، بينما إذا كان تبعًا لهوانا، وقعنا في الشر لا محالة.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟الخير والشر
على المسلم، أن يوجه قلبه نحو الخير، وأن يعلم يقينًا أن الشر لا يمكن أن يكون موجودًا إلا في حالة غياب الخير، وهذا الأمر مرتبط بنا نحن، وحسب هوانا وميلنا إلى طريق الشيطان من عدمه، فإذا سرنا خلف هوانا لاشك وقعنا في الشر، قال تعالى يؤكد ذلك: «مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» (النساء/79)، أي كسبًا كما يفسره قوله تعالى: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» (الشورى/30).
وأما قوله تعالى: «قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» (النساء/ 78)، فرجوع للحقيقة.. نعم كل شيء يعلمه الله، لكنه يتركنا نختار بكامل إرادتنا أي طريق نسير، الخير أم الشر، فمن اختار الخير فهو في عيشة راضية، وأما من اختار الطريق الآخر ولعياذ بالله «فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ» (القارعة:6-11).