مهما حاصرتنا المشاكل والأزمات، فإن هناك أكسير أمل يمنحنا الثقة والقدرة على استكمال الحياة.. فما بالنا إذا كان هذا الأكسير هو وعد إلهي.. هذا الوعد يؤكد يقينًا أن العسر لن يستمر، وأن الفرج آتٍ لا حالة.
هذا الأكسير يتمثل في قوله تعالى: «أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)»، ومن ثمّ لا يمكن أبدًا أن يغلب عسر واحد يسرين بإذن الله، فقط علينا الثقة به سبحانه، واليقين في أن نصر الله آت مهما علا الظلم.
اليسر بعد العسر
إذن اليسر قادم بأمر إلهي، وبالتالي لا يمكن أن يمنعه أحد مهما كان، فقط علينا الصبر واليقين في الله، ولقد ذكر الله ذلك في كتابه، فقال تبارك وتعالى: « سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا » (الطلاق: 7)، وقال جل وعلا: « فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا » (الشرح: 5، 6).
وجاء في الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: «لو كان العُسْرُ في جُحرٍ لتَبِعَهُ اليُسْر، حتى يَدخُلَ فيه فَيُخْرِجَه، ولن يغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن»، ومن ثمّ فإن كل كرب ينزل بالمؤمن فإن معه فرجًا قريبًا لا محالة، وكل عسر يصيبه فإن معه يسرًا لا محالة، لكن من علم ذلك وأيقن به فلن يسلم قلبه لليأس أبدًا، ذلك أنه لن ينسى الخالق سبحانه ويركن للمخلوق، ولن يعلق قلبه بغير الله تعالى، ويؤكد ذلك النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بقوله: «وإن الْفَرَجَ مع الْكَرْبِ وإن مع الْعُسْرِ يُسْراً».
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟فرج الله
ففرج الله يأتي دائمًا في الوقت المناسب، فإذا نزلت المحن بالناس، واشتد البأس بهم وظنوا الهلاكَ، أسعفهم اللهُ تعالى باليسر، ودفع عنهم البلاء، ورفع عنهم المحنة، وتلك سنة الله تعالى مع رسله وأوليائه المؤمنين، كما قال تعالى عن السابقين منهم: « مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ » (البقرة: 214)، وقال في آية أخرى: « حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ » (يوسف: 110).
وهنا علينا أن نتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته مروا بمحن لا يمكن تصورها، إلا أن نصر الله وقع بهم سريعًا، وهذا يوم حنين يقول الله تعالى: « وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ » (التوبة: 25)، ثُم « ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ » (التوبة: 26).