هل من الممكن أن نموت ونحن مصرون على الكبائر؟.. الإجابة نعم.. لكن كيف ذلك؟.. فقط إذا جهلت الكثير من العلوم الدينية، وهي أمور تتعلق بالتوحيد وحسن معاملة الناس.
يقول الإمام أبي الحسن الشاذلي رحمه الله: «من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصرًا على الكبائر وهو لا يشعر».. والمعنى أن علم التوحيد الذي يتعلق بمعرفة الله هو فرض ومن يقصر في الفرض فهو مرتكب لكبيرة، وكذلك، علم معرفة آفات النفوس وطرق علاجها يتعلق بأمراض للقلوب هي من الكبائر كالكبر والحقد مثلا، وعدم تعلم طرق علاجها يجعل الإنسان يموت بهذه الأمراض وهي كبائر.
فعليك أن تراجع آفاتك لحظة بلحظة، كما يفعل الفلاح مع زراعته، فإن فعلت نجوت، وإن لم تفعل سيكون مصيرك لاشك كالزرعة التي يهملها صاحبها فتموت دون أن يشعر بها أحد، ولم تحصل بعد على خيرات الأرض.
التوحيد
التوحيد يعني إفراد الله عز وجل بالألوهية، فالله يقبل عباده جميعًا، ويتوب عنهم، إلا من أشرك ولعياذ بالله، قال تعالى يؤكد ذلك: «إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ»، ذلك أن التوحيد أول منازل السائرين إلى الله، وطريق النجاة في الدنيا والآخرة، وهو مفتاح دعوة الرسل، قال تعالى: «وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ» (النحل 36).
والتوحيد هو شرف المؤمن، فمن أتى به نال كل الشرف، ومن تخلى عنه فقد كل شرفه، قال تعالى يؤكد ذلك: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (آل عمران 18)، إذن من ابتعد عن أدب وخلق ويقين التوحيد كانت نهايته أنه بعيدًا عن رحمات الله عز وجل لاشك.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟حسن الخلق
الأمر الثاني بعد التوحيد، أن ينقي الإنسان قلبه من كل الآفات والأمراض، حتى يأتي الله بقلب سليم، قال تعالى: « يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» (الشعراء 89)، فمعاملة الناس بالأخلاق الحسنة تكون بمعاملتهم بما تحب أن يعاملوك به مما هو مباح شرعًا.
وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن»، فإن من أعظم ما يرجو به العبد الفوز والنجاة يوم القيامة حسن الخلق، ذلك أن الخلق الحسن من أعظم الأعمال التي تثقل بها الموازين يوم القيامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق».