عزيزي المسلم، حتى تعيش راضيًا، سعيدًا في الدنيا، عليك بأن ترضى أولاً عما قدره الله لك، فليس من إنسان على وجه البسيطة قادر على أن يغير أمرًا، أنزله الله، أو كتبه عليه، بينما بالرضا والصبر، والشكر على الضراء قبل السراء، يرفع الله عنك أي ضر مهما كان.
فقد أخرج الترمذي في سننه عن سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي، عن أبيه، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا»، تصور أن الدنيا بكاملها ملك يديك، فقط في أن توقن في الله عز وجل، وترضى بما قسمه الله لك، تكن أغنى الناس لاشك، "فارض عزيزي المسلم بما قسم لك الله تكن أغنى الناس، وتذكر قول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ».
القناعة
من أهم طرق السعادة على الإطلاق، القناعة، بأن ترضى بما قسم الله لك، وقد فسر بعضهم الحياة الطيبة في قوله تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (النحل:97)، بأن الحياة الطيبة لا تأتي إلا نتيجة القناعة.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابن آدم, عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك, ابن آدم لا بقليل تقنع, ولا من كثير تشبع, ابن آدم إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنا في سربك عندك قوت يومك، فعلى الدنيا العفاء»، فانظر إلى المعنى العظيم وتدبره، ستجد أن السعادة الحقيقية هنا، وليس في كثرة المال والولد، فكم من مال كان وبالا على صاحبه، وكم من ولد كان سبب كل كارثة على أهله.. ولكن ليس في الرضا والقناعة سوى السعادة وفقط.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟الكنز
أغلبنا يتمنى لو وجد كنزًا، مع أن الكنز بيديه، ويستطيع أن يبرزه بين يديه، إلا أنه للأسف يغفل عنه، فالقناعة كنز لا يفنى، لأنها تنشأ من غنى القلب بقوة الإيمان، وفي الحديث الصحيح يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يحبُّ العبد الغنيَّ التقيَّ الخفيَّ»، والغنى هنا هو غنى القلب، لما ثبت في حديث آخر أنه قال صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ اجعلْ غناه في قلبِهِ».
فارض بما قسم لك الله تكن أغنى الناس، وقد أمر الله بذلك فقال لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، في كتابه الكريم: «وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (طه:131).