الإيمان بالقضاء والقدر من أساسيات الإسلام، فإن سقط من أحدهم كان في مشكلة كبيرة من أمره، تحتاج لإعادة ضبط في أسلوب تفكيره ويقينه بالله.. فالإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان وركن من أركانه، فلا يتم إيمان العبد إلا بها، استدلالاً بما ثبت في الصحيح عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه قال مبينًا حقيقة الإيمان: «أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ كُلِّهِ».
ولاشك أننا بشر، وأننا قد نضعف أمام مشكلة أو بلاء ما، إذا انشغلنا فقط بحالنا، دون الاهتمام بأحوال وابتلاءات الآخرين، ذلك أنه بالنظر إلى ابتلاءات الآخرين، فبذلك يعلم العبد أن ابتلاءه ليس أعظم وأشد من ابتلاء غيره فيحمد الله ويرضى بما قدر له ويعلم بأن الله عز وجل كان رفيقًا به.
كله خير
أيضًا من أهم الأمور التي تعيننا على تقبل قضاء الله وقدره، الرضا، وهذا دائمًا حال المسلم، يرضى ويصبر.
عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»، ومن ثمّ علينا أن نثق يقينًا أن الله عز وجل لن يختار لعبده إلا الخير في كل أمر من أمور حياته، إذ يثول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قُل لَن يُصيبَنا إِلّا ما كَتَبَ اللَّـهُ لَنا هُوَ مَولانا وَعَلَى اللَّـهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ».
وما يصيب العبد من الابتلاء سبب من أسباب تكفير الذنوب والسيئات، وبذلك يلقى المؤمن ربه طاهرًا من الخطايا، إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «يُبتَلى الرَّجلُ على حَسبِ دينِهِ فإن كانَ في دينِهِ صلابةٌ زيدَ في بلائِهِ وإن كانَ في دينِهِ رقَّةٌ خُفِّفَ عنهُ وما يزالُ البلاءُ بالعَبدِ حتَّى يمشيَ على ظَهْرِ الأرضِ ليسَ عليهِ خطيئةٌ».
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟3 درجات
في قضية الإيمان بالقدر يمر العبد بثلاث درجات حتى يصل إلى اليقين التام في الله عز وجل، إذ يقول الإمام ابن القيم رحمه الله، موضحًا ذلك: «عبودية العبد لربّه في قضاء المصائب الصبرُ عليها، ثمّ الرضا بها وهو أعلى منه، ثمّ الشكر عليها وهو أعلى من الرضا، وهذا إنّما يتأتى منه إذا تمكّن حبُّه من قلبه، وعلِم حسنَ اختياره له وبرّه به، ولُطفه به وإحسانه إليه بالمصيبة، وإن كرِه المصيبة».
ذلك أن الابتلاءات والشدائد تذكر العبد بربه وتقربه منه باستمرار، قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ»، ويقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «عِظَمُ الجزاءِ معَ عِظَمِ البلاءِ وإنَّ اللَّهَ إذا أحبَّ قومًا ابتلاَهم فمن رضيَ فلَهُ الرِّضا ومن سخِطَ فلَهُ السّخط».