قديمًا قالوا: (إن الشجار بين الأزواج كالملح في الطعام)، أي أنه لا يمكن للحياة بين الزوجين أن تستقيم، إلا بوقوع خلاف ما هنا أو هناك، ذلك أن هذا الخلاف ينتهي بالتصالح.. والتصالح هذا كأنه يولد العلاقة من جديد، ويدفعها نحو السعادة من جديد، ومن ثمّ فإن الخلاف كان السبب في أن يدب الحب مجددًا بين الزوجين.

ولهذا علينا أن نوقف (الخلاف) بيننا وبين زوجاتنا على (الخصام) فقط، حتى تستقيم الحياة فعليًا، وتكون بداية جديدة لحياة لا تتوقف فيها السعادة أبدًا، حتى يكون البيت جنة، وليس نارًا كما هي بيوت الكثيرين الآن للأسف.

عن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حاجة، فقال: أي هذه، أذات بعل أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، وقال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك.

شجار العظماء

أعاظم الناس تخاصموا أو قل تشاجروا، أو قل وقع بينهم خلاف، ولكن هكذا تم التعامل معه، إذ يروى أنه حين تشاجرت أم المؤمنين عائشة رضي اللّٰه عنها مع زوجها سيدنا محمد صلى اللّٰه عليه وسلم، قال لها «من تريدينه أن يأتي و يحكم بيننا ؛ أعمر ؟»، فقالت «لا»، فقال: «أ أبوبكر الصديق أباك؟»، فقالت "نعم".. وحين أتى الصديق رضي اللّٰه عنه قال رسول اللّٰه: «أتتكلمين أم أتكلم»، فردت عائشة «قل و لا تقل إلا حقًا»، فغضب الصديق منها فرسول اللّٰه لا يقول إلا حقًا، فما كان من السيدة عائشة إلا أن اختبئت وراء الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم، فقال الرسول الكريم: «يا أبو بكر جئت بك لكي تحكم بيننا لا أن تضرب ابنتك»، ثم نظر الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة ممازحًا: «ألم تكوني خصمي و الآن مختبئة ورائي».. فهذا كان خصام خير الناس، وهكذا كان تصالحهم.. فكانت بيوتهم جنة في الأرض.

اقرأ أيضا:

تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحى

تقلب النساء

عليك أن تعذر امرأتك إذا ضاق بها أمر ما ذرعًا، فهي بشر وتتعب وتجتهد يوميًا في عمل البيت وتربية الأبناء، فضلا عمن أنها تكون تعمل في عمل ما، وليكن الخلاف بينكما مجرد شجار أو خصام أحبة، لتعود الأمور كما كانت وأفضل.

وقد كان يحصل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم قال: وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي فتغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نعم، فقلت: أتهجره إحداكن اليوم إلى الليل، قالت: نعم، قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئاً وسليني ما بدا لك».