على المسلم أن يعرف الخير، وطرقه، ليسير فيه، ويلتزم بما جاء به نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، لكن في الوقت نفسه يجب عليك أيضًا أن تعرف مخارج وطرق الشر جيدًا، وذلك حتى لا تقع فيها.. وقد أحسن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال: «لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية»، أي على المسلم النابه أن يعرف كل الشرور والأخطاء حتى لا يقع فيها.
في الصحيحين عن حذيفة قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله: صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
شرور حولنا
وللأسف بالفعل حولنا من الشرور، ما يكفي للوقوع فيها، لكن إذا عرفناها سننتبه لها بكل تأكيد، ومن هذه الشرور، شهوة الوجاهة و(حب الفشخرة)، وفتنة المال والنساء، وتحقير الغير، والتعدي على حقوق الناس، والظلم، وأكل المال دون حق، ولمواجهة ذلك كله، علينا أن نتوقف قليلاً أمام تصرفاتنا، فنبعد عنا أي بغضاء وشحناء، ولتكن المنافسة أصيلة، لا تعرف تخطي الحدود ولا الحسد ولا الحقد، وإنما اليقين في الله سبحانه وتعالى، وأن ما قدره لم يكن ليخطئك أبدًا، وأن تحسن اختيار كلماتك مع الناس، فالأصل هو حسن اللفظ، وليس التعصب والتفاخر بلا سبب، قال تعالى: « وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟مجاهدة النفس
أيضًا من الأمور التي يستعين بها المرء على الشر وطرقه، مجاهدة النفس، والنية الصالحة، والبُعد عن الشبهات بقدر الاستطاعة، وأن يكون المسلم سليم الصدر تجاه إخوانه، لا يحمل لهم غِلا، ولا ضغينة، ولا حسدًا.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ الناسِ، ذُو القلبِ المخمُومِ، واللسانِ الصادِقِ"، قِيلَ: ما القلبُ المخمُومِ؟ قال: "هو التَّقِيُّ النَّقِيُّ، الذي لا إِثْمَ فيه، ولا بَغْيَ، ولا حَسَدَ"، قِيلَ: فَمَنْ على أثَرِهِ؟ قال: "الَّذي يَشْنَأُ الدُّنيا، ويُحِبُّ الآخِرةَ"، قِيلَ: فمَنْ على أثَرِهِ؟ قال: "مُؤمِنٌ في خُلُقٍ حَسَن».