لعل غالبية الناس يعرفون بالصراط الذي يمرون عليه يوم القيامة، لكن الكثير منهم لا يعرف أن هناك طريقًا آخر غير الصراط يمرون عليه أيضًا، لكنه ليس كالصراط، وإنما له غرض آخر، هذا الطريق يسمى القنطرة، وهو جسر بين الجنة والنار يتقاص فيه المؤمنون مظالم كانت بينهم.
وهؤلاء لا يرجع أحد منهم إلى النار ، لعلم الله أن المقاصة بينهم لا تستنفذ حسناتهم ، بل تبقى لهم من الحسنات ما يدخلهم الله به الجنة.
يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم : « يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيُقَصُّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمدٍ بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا ».
تنقية المؤمنين
هذا الجسر (القنطرة) خاص بتنقية المؤمنين من الذنوب المتعلقة بالعباد حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل ولا حسد لأحد، كما وصف الله أهل الجنة فقال: «وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ» (الحجر 47)، ولكن معنى (يخلص المؤمنون من النار )، هو خلاصهم من الصراط الذي يتصل بالنار.
وذلك دليل على اختلاف أحوال المؤمنين يوم القيامة ، فلو تخطوا جسر جهنم تم حسابهم على قنطرة تقع بين الجنة والنار ، وإذا تم إصلاح أحوالهم دخلوا الجنة خالدين فيها ، وقال بعض العلماء أن الجنة تلي الصراط أي بعد القنطرة وذلك بدلالة حديث البخاري، ويمكن أن يكون ذلك القول فيمن دخل النار وأخرجه الرسول عليه الصلاة والسلام منها بشفاعته ، ثم مروره بالقنطرة.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟العدل التام
إذن القنطرة، تعني العدل التام من الله عز وجل، إذ لا يدخل الجنة أحد، إلا بعد أن يقتص بنفسه ممن ظلمه، وهو غير القصاص أمام الله عز وجل يوم القيامة، وذلك حتى ينزع الله ما في قلوبهم من أي غل أو حقد مهما كان، ويدخلون الجنة، وقد نقوا من ذلك كله.
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»، لذا يجب على المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين.
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شئ فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه».