يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (الأعراف (180).
ومن أبرز الأسماء المرتبطة بالله عز وجل (القوي المتين)، والتي تعني أنه سبحانه وتعالى القادر على كل شيء مهما كان، والذي يفيد أيضًا كمال التصرف.
وقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالقوة، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المؤمن القوي خير و أحَب عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير »، لأن المؤمن الضعيف بما عنده من الإيمان مازال في حظيرة القوة من وجه من الوجوه فهو قوي بإيمانه وإن كان ضعيفا في الحياة الدنيا ، لكن الله سبحانه وتعالى يريد أن نكون أيضا أقوياء في الحياة الدنيا.
قوة الإرادة
لكن حب الله للمؤمن القوي، لا يعنى أنه سبحانه وتعالى قد أخرج المؤمن الضعيف من دائرة الحب أو من دائرة الخيرية لكنه على كل حال هو أقل من المؤمن القوي الذي ينفذ أوامر الله سبحانه وتعالى ، والقوة هنا هي قوة الإرادة وقوة الهمة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «ليس الشديد بالصُرعة»، يعني ليس الشديد هو المصارع الذي يصارع الناس فيغلبهم إنما الشديد هو الذي يملك نفسه حين الغضب.
فالقوة هنا تتمثل في ضبط النفس، والقدرة على التعقل، وأن يتحكم العقل في جسم الإنسان وفي وجدانه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تغضب ولك الجنة» ، لأن الإنسان إذا غضب خرج عن حد الحكمة، وذهب إلى حد التهور، وهنا قد يتصرف تصرفا قد يدمر ولا يعمر، قد يؤذي ويضر ولا ينفع، والمؤمن في كل ذلك مأمور أن يكون نافعًا وأن يكون قويًا بمعنى أن يكون ملتزما وعنده هِمة وإرادة.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟الله القوي
لذلك ترى الله عز وجل قد ذكر هذا المعنى في أكثر من آية، فقال تعالى: «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ » (الأنفال: 52)، وقال تعالى: « وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ » (الحج: 40)، وقال أيضًا سبحانه: « فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ » (هود: 66).
وأما المتين فقد ورد مرة واحدة في قوله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » (الذاريات: 58)، وكأن الله عز وجل يريد أن يبلغنا بأن قوته في عزته سبحانه، فالعزيز من أعزه الله، والذليل من أذله الله، والمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله الله، قال تعالى: « إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » (آل عمران: 160).