جميعنا لاشك يسعى ويتمنى حُسن الخاتمة، والأمر ليس بالصعب لمن حرص على أفعال الطاعات، وفي القلب منها، وفي مقدمتها البر بالوالدين، وما ذلك إلا لأن طاعة الوالدين أمر إلهي مباشر من الله عز وجل، وقضاء قضاه على عباده بعد عبادتِه عز وجل.
قال تعالى: « وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا » (الإسراء: 23، 24)، ولأنهما أحق الناس بحسن الصحبة كما علمنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، مَن أحقّ الناس بحُسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أبوك».
سكرات الموت
حتى إذا جاءت سكرات الموت، تتمنى لو أن تقع تحت أقدام أمهاتنا، ونموت على هذا الحال، إذ نوقن جميعنا أنه لو حدث ذلك يكون من حسن الخواتيم.
وقد روي أن رجلاً كان يعاني سكرات الموت لثلاث ليال، فذهبت زوجته تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلة : لا هو يبرئُ فنستريح ولا هو يموتُ فيستريح !!! ولا هو قادر على نطق الشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم: أين أُمه.. فحضرت وسألها عن حاله، فقالت : من المصلين الذاكرين، فقال لست عن هذا أسأل.. ما بينك وبينه، فبكت وقالت : أخاف أن أكذب عليك فينزل وحي يفضحني، أما قلبي فعليه ساخط.. فسألها لِمَ.. فقالت: الوجه الضاحك لزوجته و الوجه العابس لي.. وحلو الكلام لها والكلام الجاف لي، وحلو الطعام والثياب لها، وما تبقى بعد اختيارها لي، فقال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام : أحضروا نارًا لأحرقه، فصرخت الأم : لا يا رسول الله، إنه ولدي فلذة كبدي ، لا تحرقه فأني فديته بنفسي.. فقال: هذا ما أردت فمن دون رضاك لن يشم ريح الجنة، فقالت: أشهد الله وملائكته أني سامحته وأحب له الجنة، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، جماعة من الصحابة إليه ليتفقدوه فلما دخلوا عليه تهلل وجهه ونطق بالشهادتين ثم فاضت روحه إلى بارئها.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟عقوق الوالدين
فعليك أيتها الزوجة المسلمة، إن كنت تريدين لزوجك الجنة أن ترقي قلبه على أمه، ومن كان يريد الجنة فليرق قلبه على والديه، فللأسف هناك قلوب لن تحبك مهما أكرمتها .. وقلوب لن تكرهك مهما أوجعتها.. ولا تنس أن الإسلام جعل عقوق الوالدين من أكبر الكبائر من الذنوب والخطايا.
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «الكبائر: الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، وقتلُ النفس، واليمين الغموس».