عزيزي الابن، تخيل ما هو أصعب شيء طلبه منك والدك؟.. وماذا فعلت؟.. لو تفكرت قليلا لا يمكن أن تجد الأمر يتخطى أن يكون قد طلب منك الاهتمام بصحتك أو بدروسك، وربما ألا تصاحب أصدقاء السوء.. ومع ذلك أنت لا تهتم، وربما تكذب عليه، وربما تخبي عليه أمورًا صادمة، إلا أنك لو تريثت قليلا وتدبرت ما يطلبه منك لفهمت أنها جميعها تصب في مصلحتك أنت فقط.

إذ أنه ليس له أي مصلحة في ذلك.. سوى أنك ابنه، ولا يريد لك سوى النجاح والتفوق والسعادة الأبدية.. وهنا وقف قليلا وانظر كيف أنك ترفض مثل هذه المطالب (الخفيفة والبسيطة)، بينما نبي الله إسماعيل عليه السلام يطلب منه والده أن يذبحه، فيوافق من فوره ودون تردد: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» (الصافات 102).

وجوب الطاعة

أوتدري عزيزي الابن، أنك واجب عليك طاعة والدك، ومع ذلك ترى نفسك كثيرًا تعترض، ولو بالكذب، تتعاهده بأنك ستلتزم بما طلب منك، إلا أنك من داخلك ترفض ذلك تمامًا، فيقول لك لا لأصدقاء السوء، فتكون النتيجة مصاحبتهم، ويطلب منك الابتعاد عن ما يضر الجسد كالسجائر، فتعاقرها، ويطلب منك الاهتمام بدروسك، فتهملها.. ثم تستيقظ بعد فوات الأوان، على صريخ من داخلك، يبلغك بمرارة بأن الأمور زادت تعقيدًا.

ماذا لو سمعت كلام والدك منذ البداية؟.. مؤكد ستتغير النتيجة تمامًا، وستجد نفسك في المكان الذي يسعدك، وييسر لك أمورك، لأن الله عز وجل بالأساس، ييسر الأمور على الأبناء الطائعين لآبائهم، ولمّ لا وهو الذي قال: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا» (النساء 36).

اقرأ أيضا:

فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة..لا تتنافس على الشر واكتشف سترك الحقيقي

أعد التفكير

عزيزي الابن، أعد التفكير في الأمر، واعلم أنه حين وافق نبي الله إسماعيل دون تردد على طلب والده بذبحه، كانت النتيجة أن فداه الله عز وجل، وسار نبيًا، بل يصل نسب خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، إليه.. فانظر إلى هذه النتيجة العظيمة وتدبر.. بينما أنت حينما ترفض طلب بسيط يطلبه منك والدك، تزداد الأمور سوءًا معك، إلا أنك للأسف لا تتعظ.. فمتى تفيق وتعي أن النجاح والسعادة والتوفيق ورضا الله.. كل ذلك وأكثر .. فقط في رضا الوالد؟.

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: « رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد ».