يسأل أحدهم: هل يجوز للإنسان العامي أن ينكر المنكر؟
الشائع بين الناس، أن الجميع يجب عليه التدخل لإنكار المنكر، وفقًا لحديث النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، لكن الأفضل أن يتدخل لإنكار المنكر هو من عالم بأمور وضوابط الدين، فلربما الإنسان العامي كانت نيته صادقة، لكنه قد لا يملك الحجة الكافية، فينقلب الأمر لضده.
وفي ذلك يرى العديد من العلماء، أن إنكار المنكر يلزم من يقوم به أن يكون عالمًا بمواطن الإجماع والاختلاف وعالمًا بالمستثنى من التحريم كرخصة، وهذه أوضح ما ينبغي أن يكون عالمًا به.
إنكار المنكر واجب
وهنا علينا أن نعي جيدًا أن إنكار المنكر إنما هو أمر الله، أوجبه على المسلمين، إلا أنه من فروض الكفايات، وليس من فروض الأعيان، فلا يأثم الفرد إذا ترك إنكار المنكر، ما دام غيره قائما بذلك الواجب، ويأثم الجميع إذا لم ينكره أحد منهم، ويعرضون أنفسهم للعقوبة.
في الحديث النبوي الشريف، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لَا يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ»، ومثال على ذلك: أن يرى إنسانا يصلي ثم إذا سجد السجدة الثانية من الركعة الرابعة من صلاة الظهر مثلا قام من غير قراءة التشهد أو السلام وهذا على مذهب المالكية والأحناف جائز وصلاته صحيحة فلو ذهب وأنكر عليه وقال له بأن صلاته باطلة لكان إنكار منكر في غير محله.
ومثال آخر: أن يغتاب أحد غيره أمامك ويكون بغرض الشكوى أو طلب المساعدة والانتصاف منه أو للمشورة وقد قرر الفقهاء 6 أسباب لجواز الغيبة فمن أنكر على من كان يغتاب بأحد الأسباب الستة كان منكرا لحق وليس منكرا لمنكر.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟مراتب الأحكام
ومن ثمّ العلم بضوابط الأمور في الدين قد تصل لحد الضرورة في إنكار المنكر، فلربما أراد أحدهم إنكار منكر ما، وهو ليس من العلماء، فغفل عن مراتب الأحكام، فوقع هو في الخطأ، بينما هناك أمور قد لا تحتاج لعالم، مثلا: أن يكون من أهلك من لا يصلي، فيجب هنا نصحه، حتى وإن كنت غير عالم ببواطن الأحكام، أو يكون هناك أحد أقاربك يشرب الخمر ولعياذ بالله، فيجب على كل أقاربه نصحه أيضًا، ولا يشترط أن يكون عالمًا.
بينما شرط (العالم) الذي يصحح الأخطاء في الأمور التي وراءها أحكام، وقد يكون أقرها مثلاً الحنابلة ولم يقرها الأحناف وهكذا.
ويروى أن الإمام ابن تيمية رحمه الله قد ترك إنكار شرب الخمر على قوم لأن كفهم عن الشرب سيترتب عليه منكر أكبر، ومن ثمّ فالأولى عدم الإنكار إلا بعد تعلم الأحكام ومراتبها والمستثنى منها وتنزيل هذه المذكورات على أحوال الناس بما يحقق مصالحهم من الإنكار.