قد يعثر بعضنا على قصاصات الورق من المصحف الشريف، فيحتار كيف يتعامل معها، هل يرميها أم يحرقها، أم يضعها في مكان ما حفظًا لها؟.. والحقيقة أن كثير من أجدادنا -وكانوا على الفطرة- كانوا إذا وجدوا ورقة مصحف ممزقة أحرقوها، وإن سألتهم قالوا: حتى لا تتقاذفها الريح، وبها كلمات مقدسة من رب العالمين، فلا يجوز التهاون في ذلك.. لكن بعض أهل العلم قالوا: إن الحرق أفضل حتى لا تظل هذه الورقة وإن وضعت في مكان جيد، منقوصة من كلمات الله عز وجل، ولكن مع كل ذلك ترى بعض أباءنا حينما يجد مثل هذه القصاصات يضعها في جيبه حتى يموت، فإذا توفاه وأخرج أولاده ما في جيبه وجدوا آية أو جزء من آية، وهو أم لو تعلمون عظيم، إذ أنه كان يحفظ نفسه بها، ولعله مات عليها بإذن الله.
حرق القصاصة
إذن الأقرب للصواب أن تحرق قصاصة الورقة من القرآن، وقد أجاز العلماء حرق الورق الممزق من المصحف أو الورق التالف.. وذلك لأن القرآن مكرم ولا يجوز تدنيسه أو رميه.. شريطة أن تجمع الرماد وتضعه في البحر أو تحفر له حفرة في أرض طاهرة.
وهو ما يؤكده العلماء من أن التخلص من هذه الأوراق الشريفة لابد أن يتم بطريقة محترمة عن طريق حرق هذه الأوراق ثم دفنها أو فرمها بمفرمة الأوراق إذا توافرت، بحيث يتم تقطيعها قطعًا صغيرة جدًا بحيث لا يمكن التعرف على أنها من أوراق المصحف، مشيرين إلى أن المهم في التخلص من أوراق المصحف ألا يتم امتهانه بل يكون القصد من ذلك احترامه وعدم إلحاق ما لا يجوز إلحاقه بكتاب الله عز وجل، ولكن الأصل هو أن المصحف الصالح للقراءة لا يحرق، لحرمته، فإذا صار خَلِقًا غير صالح للقراءة فيه، فإنه يجوز حرقه؛ صيانةً له عند جمهور العلماء، لكن لا يجوز أن تلقى أي ورقة من المصحف على الأرض، أو في مكان قذر؛ ما دام فيها حرف من كلام الله تعالى.
اقرأ أيضا:
الفتور بعد مواسم الطاعات ..داء يصيب كثيرين وهذا علاجهطريق الصحابة
وهكذا اتبع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حرق أي ورقة مصحف غير مكتملة، فقد روى البخاري في صحيحه أن الصحابة لما كتبوا المصاحف أرسل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، وفي رواية للطبراني وابن أبي داود: وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به، وقد ذكر ابن حجر في الفتح أنه لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضوان الله عليهم، فذكر عن مصعب بن سعد أنه قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك. أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. ونقل عن ابن بطال قال: في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار، وأن ذلك إكرام لها وصون عن وطئها بالأقدام.