يتصور البعض أن البشر سينادون بأسماء أمهاتهم يوم القيامة، وهي شائعة تتردد كثيرًا، خصوصًا في القرى والأرياف، بل تقال عن يقين إنها الحقيقة، وهو أمر ليس بحقيقة على الإطلاق.
إذ أن جميع الأحاديث الصحيحة دلت على أن الإنسان يُنادى يوم القيامة باسمه منسوبًا إلى أبيه، وليس أمه، فيقال هذا فلان بن فلان، وليس فلان بن فلانة، لحديث النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الغادرَ يُرفَع له لواءٌ يوم القيامة؛ يقال: هذه غدرة فلان بن فلان»، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وليس فلان بن فلانة).
إذن بات من المؤكد أن نداء الناس يوم القيامة يكون بأسمائهم وأسماء آبائهم، وأن الحديث الذي قال بمناداة الناس بأسماء أمهاتهم موضوع، بل باطل، لأنه يتعارض مع القرآن الكريم والأصل الذي بنيت عليه فطرة الإنسان في الإسلام.
شرف الأم
بالتأكيد الأم شرف عظيم، وإلا ما كان ينادي المولى عز وجل على نبيه عيسى عليه السلام باسم أمه (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾ (البقرة: 87)، ولكن هذا لأنه الله خلقه من أم دون أبن وهو سبحانه وحده القادر على ذلك، بينما كل إنسان آخر مهما كان -عدا آدم وحواء-، فقد خلق من أب وأم معًا، ورغم شرف انتمائه لأمه، إلا أنه لن ينادى إلا باسم أبيه في الدنيا والآخرة.
وقد ورد في سنن أبي داود عن أبي الدرداء أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم».
اقرأ أيضا:
الفتور بعد مواسم الطاعات ..داء يصيب كثيرين وهذا علاجهالنداء بالإمام
أما لفظ النداء بالإمام، فقد ذكر بعض المفسرين عند قول الله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» (الإسراء:71)، أن المراد بالإمام هنا هن (الأمهات)، وأن ذلك يوم القيامة، وممن نقل ذلك القرطبي وضعفه، فقال: وقال محمد بن كعب: بإمامهم، وإمام جمع آم.
فيما قال بعض الحكماء، إن في ذلك ثلاثة أوجه من الحكمة، أحدها لأجل عيسى، والثاني إظهار لشرف الحسن والحسين، والثالث لئلا يفتضح أولاد الزنى، إلا أن في هذا القول نظر، فإن في الحديث الصحيح عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان»، ومن ثمّ فإن الله عز وجل ينادي على خلقه يوم القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم.