الخوف من الله بحسب إجماع أهل العلم منزلة من منازل الإيمان، وأشدّها نفعًا لقلب العبد، وهي عبادة قلبيّة مفروضة، الخوف من الله تعالى واجب على كل أحد، ولا يبلغ أحد مأمنه من الله إلا بالخوف، وتذكر سورة آل عمران: ﴿فَلاَ تخَافُوهُم وخَافُونِ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنينَ﴾.
الخوف من الله كذلك من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل احد قال تعالى في سورة آل عمران ﴿فَلاَ تخَافُوهُم وخَافُونِ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنينَ﴾، وقال تعالى في سورة البقرة: "وإيِّايَ فَارْهَبُونِ". ومدح الله عز وجل أهله وأثنى عليهم فقال تعالى في سورة المؤمنون " : " الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وكذلك قال تعالي: وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُون"" :
الإمام ابن القيم الجوزية تحدث عن هذا المقام الرفيع بالقول :الخوف المحمود الصادق هو ما حل بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
ومن ثم فخلق الخوف من الله تعالى وآثاره في تزكية الأخلاق والأعمال عظيم, كما أن دوام الخوف منه عز وجل دليل على الإيمان والصدق, فالداعي إلى الخوف من الله هو معرفته عز وجل ومعرفة صفاته.
ووفقا لمنشور للدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف يكون قدر قوة الخوف في نفس العبد بحسب معرفته بعيوب نفسه ومعرفته بجلال الله سبحانه واستغنائه, فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه, ولذلك قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر:28].
و بحسب منشور جمعة علي" فيس بوك "فما ورد في قيمة الخوف في الآيات والأخبار شيء كثير, ومن ذلك ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر, فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه به أحدا, قال: ففعلوا ذلك به, فقال للأرض: أدي ما أخذت فإذا هو قائم فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب, أو قال مخافتك, فغفر له بذلك (صحيح البخاري).
وأشار إلي أن هذا الرجل رغم ذنوبه وتقصيره في الدنيا فإن إيمانه ظل حيا في قلبه بدليل اعترافه بذنوبه مع شدة خوفه من الله تعالى الذي لا يكون إلا لمؤمن; فأكرمه الله بالمغفرة.
ومن البديهي الإشارة إلي إن المعرفة بالله تعالى وبعظم ذنوب العبد وبقدره إذا كملت أورثت الخوف, ثم يظهر أثر هذا الخوف علي الجوارح وعلى الصفات; أما في الجوارح فبكفها عن المعاصي وتقييدها بالطاعات تلافيا لما فرط فيه العبد واستعدادا للمستقبل، وأما في الصفات فبأن يقمع الشهوات الآثمة ويمنع اللذات الهادمة فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة, ويحصل في القلب الخشوع والاستكانة, ويفارقه الكبر والحقد والحسد وسائر الصفات المذمومة, ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة ومؤاخذة النفس بالخطرات والكلمات.
اقرأ أيضا:
6 علامات تبرهن على قبول صيامك وأعمالك الصالحة في رمضان وقد ورد في القرآن الكريم كثير مما يدل على فضل الخوف, وآية ذلك أن الله جمع للخائفين الهدى والرحمة والعلم والرضوان, وهي من مجامع مقامات أهل الجنان, قال الله سبحانه: (هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) [الأعراف:154]، وقال تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة:8]