مضي اليوم الأول من شهر المحرم غرة العام الهجري الجديد حيث احتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بهذه المناسبة العظيمة ، حيث يستذكرون تفاصيل هذه الهجرة النبوية والتي بدأت بمغادرة النبي ورحيله عن بلده مكة المكرمة نحو المدينة المنورة، بحثاً عن موطناً للدين الجديد، ومنها اتسعت رقعته ليصل إلى مشارق الأرض ومغاربها.
ومن الثابت الإشارة إلي أن هناك طاعات يجب الإكثار منها خلال شهر المحرم غرة العام الهجري الجديد حيث يجب استقبال هذه الأيام المباركة بالدعاء والذكر، وكذلك الاستغفار عما مضى من الذنوب والمعاصي، وأن يُعاهد العبد ربه على التوبة إليه والإقبال على الطاعات والمواظبة عليها، وبهذه المناسبة نوضح لكم كيف نستعد للعام الهجري الجديد 1444:
محاسبة النفس عن عام مضي من الطاعات المهمة بحيث يتوقف المسلم مع نفسه مطلع كل عام جديد فضلا عن التفكر حول إحسانه في العام الماضي ، ويحاسبه ذاته على تقصيره، وكذلك على كل صغيرة وكبيرة حيث قال تعالى: "يَوْمَ تَجِد كل نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ محْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سوءٍ تَوَد لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَه أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّركم اللَّه نَفْسَه وَاللَّه رؤوف بِالْعِبَاد باعتبار إن هذه المحاسبة هي فرصة لتنبيه النفس وإيقاظها من غفلتها قبل يوم الحساب .
وفي هذا السياق رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قوله: “حَاسِبوا أَنْفسَكمْ قَبْلَ أَنْ تحَاسَبوا وَزِنوا أَنْفسَكمْ قَبْلَ أَنْ توزَنوا، فَإِنَّ أَهْوَنَ عَلَيْكمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تحَاسِبوا أَنْفسَكمْ تَزِنوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ يَوْمَ تعْرَضونَ لَا تَخْفَى مِنْكمْ خَافِيَةٌ”.
كما يستحب للمسلم أن يصوم يوم عاشوراء الذي يوافق العاشر من شهر محرم من كل عام فقد جاء في الأحاديث النبوية الشريفة أن صيام عاشوراء من أفضل الصيام بعد رمضان فضلا عن أن في صومه تكفير ذنوب عام مضي حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَام يَوْمِ عَاشورَاءَ أَحْتَسِب عَلَى اللهِ أَنْ يكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَه
من الطاعات المستحبة في هذه الأيام المباركة صيام أول أيام العام الهجري ، لم يرد نص ثابت في فضل صيام أول أيام العام الهجري أو أول يوم من أيام محرم بخصوصه، لكن عمومات الأدلة تدلُ على مشروعية صومه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الترغيبَ في الإكثار من صوم المحرم حيث قال: "أفضل الصيام بعد الفريضة شهر الله الذي تسمونه المحرم"، أخرجَه مسلمٌ في صحيحه.
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصومُ ثلاثة أيام من أول كل شهر، فكان يصومُ السبت والأحد والاثنين من شهر، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر، رواه الترمذي وقال حديثٌ حسن، وعليه فإن من صامَ أول المحرم على هذا الوجه وعملًا بهذه العمومات فهذا فعلٌ حسن، وأما اعتقاد أن له فضلًا يخصه فلا نعلمُ ما يدلُ على ذلك.
ومن المهم الإشارة هنا إلي أن شهر المحرم يشتمل على يوم عاشوراء، الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر صيام سنة ماضية، وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى صيامه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:" ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء.."، متفق عليه.
اقرأ أيضا:
هؤلاء اشتروا آخرتهم بدنياهم فكسبوا الدنيا والآخرة.. التجارة مع الله لا تخسر أبدًا هذه فضائلهاكما يجب اغتنام فضل يوم الهجرة المبارك بالدعوة إلى الله عز وجل بالعفو وصلاح الحال والتصدق وترك المشاحنة والخصام، فما أحوجنا إلى التسارع إلى سبيل الخيرات والأفعال الطيبة التي فيها النفع للمحتاجين والمعوزين في ظل أزمة طاحنة تستوجب علينا جميعا الإكثار من الطاعات والقربات بأنواعها في شهر مبارك ترفع فيها الأعمال إلى الله