يأمرنا الله عز وجل بالنظر إلى خلق الإبل للتدبر في عظمة هذا الخلق، وذلك في قوله تعالى: «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»، ذلك أن الإبل يستطيع أن يشرب الماء المالح ولو من البحر الميت ولا يرتفع ضغطه لأن كليته تصفي الماء ليشربه عذبًا فيفصل الماء عن الملح.. كما أن الإبل يستطيع أن يأكل الأشواك ولا تتضرر معدته وأمعاؤه لأن لعابه كالأسيد يذوب الأشواك فيأكلها كأنها خبز.

وتأكيدًا لذلك فإن أهل البادية إذا وقع الشوك على أيديهم أو أرجلهم وضعوا لعاب الإبل عليه فيذيب الشوك.. كما أن الإبل له جفنين، جفن شفاف والآخر من لحم فيستطيع أن يمشي مع غبار الصحراء ولا تتضرر عيناه لأنه يغلق جفنه الشفاف فقط.. والإبل أيضًا يستطيع أن يغير درجة حرارته فيرفع درجة حرارته إذا كان في أرض فيها ثلوج ويخفض درجة حرارته في الأرض الصحراوية شديدة الحرارة، وهذا مثال بسيط وصغير على عظمة الخالق الجبار.

انتفاع الإنسان

أيضًا الإبل ينتفع بها الإنسان أيما انتفاع، فالله عز وجل قد سخّر هذه الدواب للإنسان (ركوبًا وحملاً ولباسًا وطعامًا وشرابًا وزينة)، فهي المسخرة للإنسان مذللة له منقادة، قال تعالى: «وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ» (النحل، آية : 5 ـ 6)، والأنعام المتعارف عليها كانت هي الإبل والبقر والضأن والمعز، أما الخيل والبغال والحمير فللركوب والزينة.

ففي الأنعام دفء من الجلود والأصواف والأوبار والأشعار، ومنافع في اللبن واللحم وما إليها، ومنها تأكلون لحمًا ولبنًا وسمنًا، وفي حمل الأثقال إلى البلد البعيد التي لا يبلغونه إلا بشق الأنفس، قال تعالى: «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ»، وهي أفضل صور الحث على النظر، وعلى إعمال البصر، والعقل والقلب للوصول إلى ما عليه الإبل من خلق بديع.

اقرأ أيضا:

عقوق الأبناء.. قبل أن يتحول إلى عادة مدمرة!

بم تتميز الإبل؟

وتتميز الإبل عن غيرها بالعديد من الخصال والصفات، ومنها اختلاف "كريات" الدم الحمراء في الإبل عن بقية كريات الدم الحمراء في جميع المخلوقات، إذ أن جميع الحيوانات لها "كريات" دم حمراء مستديرة الشكل، أما الإبل فإن كريات الدم عنده "أهليجية" الشكل، وليست لها نواه ـ وذلك لحكمة أرادها الخالق جل وعلا.

ومن أجل هذه الخاصة يمكن أن يشرب الإبل مائة لتر من الماء مرة واحدة عندها تتفتح كريات الدم بقدر حجمها مرتين دون أن تتفجر، كما أن لعابه يعتبر من أقوى المضادات الحيوية التي عرفتها البشرية في قتل المكروبات، ولهذا نجد أن الأمراض التي تصيب الإبل قليلة جدًا، ووصل الأمر حد اعتبار بعض العلماء أن (بول الإبل) قد أوقف الخلايا السرطانية، ويمكن أن يستفاد منه في علاج سرطان الجهاز الهضمي وسرطان الدم.