اجمع الفقهاء وأهل العلم علي أن آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله وذلك لتركيزها علي وحدانية الله عز وهيمنته سبحانه وتعالي علي السماوات والأرض وعلي كل النعم التي وهبها ومن بها علي بني واحاطتهم بكل شئ عن البشر والحجر والسماوات والأرضين .
ووفي هذا السياق يطرح تساؤل نفسه هل في القرآن تفاوت في العظمة؟ وهنا يرد العلماء ليس هناك تفاوت بين آيات الله في الإعجاز وفي كونها من عند الله، ولكن هناك تفاوت بتفاوت الموضوع فالآية التي تتكلم عن وحدانية الله وقدرته وبديع صنعه في كونه غير الآية التي تتكلم عن الأحكام كأحكام المياه أو كأحكام الحيض والنفاس أو كأحكام البيع والشراء وهكذا .
ومن ثم كما يؤكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فإن التفاضل إنما يكون بتفاضل الموضوع ،وليس عندما نقول هذه أعظم آية في القرآن أنها تفضل غيرها في الصياغة أو في الإعجاز .. ليس بهذا المعنى ، ولكن الخلاف في الموضوع ، هنا آية الكرسي وهي الآية التي ذكر بها المسلمون كثيرًا ربهم لأن فيها سرد لصفات الله سبحانه وتعالى ، ولأن فيها العلاقة بين المخلوق والخالق والصلة كيف تكون ، فإنها كانت أعظم آية.-.
وبحسب منشور لمفتي الديار المصرية السابق فيقول الله تعالى في أولها "اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" يقول كثير من العلماء إن هذا هو اسم الله الأعظم لأن النبي ﷺ سمع أحدهم يدعو ربه بهذا فقال: "دعوت الله باسمه الأعظم" ،فالاسم الأعظم الذي أخفاه الله في الأسماء من أجل أن ندعو بالأسماء كلها هو "الله الحي القيوم".
ولِمَ يكون ذلك الاسم هو الاسم الأعظم؟ لأنه يدل على الحقائق الثلاث:الحقيقة الأولى : على وجود الله.والحقيقة الثانية : أن الله لم يتركنا عبثًا ؛وإنما أرسل الرسل ،وأنزل الكتب ،وأوحى إلى خلقه بما يريد من عبادة الله وعمارة الكون وتزكية النفس.
أما الحقيقة الثالثة فتتمثل في أن هناك يومًا آخر هو مالكه "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" سبحانه وتعالى ، نرجع فيه للحساب للعقاب والثواب .
واستطرد جمعة قائلا :لفظ الجلاله "اللّهُ" كلمة غريبة عجيبة تدل على الخالق بكلها ، وماذا يعني هذا الكلام؟ "الله" لفظ لا وجود له في اللغات ، فإذا أزلنا منها الألف تكون "لله" ، وإذا أزلنا اللام تكون "اله" ، وإذا أزلنا اللام الثانية تكون "هو" "إِلاَّ هُوَ.
كما يؤكد الدكتور جمعة فاللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ والحياة تستوجب البقاء يعني هو الحي المطلق الذي لا يموت وكل ما جاز عليه العدم ... عليه قطعًا يستحيل القِدم
فعندما قال عن نفسه إنه "الحي" فهو الأول والآخر والظاهر والباطن ،وهو القديم الذي لا بداية له ،وهو الذي لا يموت فلا نهاية له ،وهو سبحانه وتعالى بذلك موجود دائمًا ،وعلى ذلك فهو حاضر دائمًا وليس غائبًا ،وإن كان لنا هو الغيب المطلق فإنه "لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ" ،
وكما أن الله لم يطّلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل سبحانه وتعالى غيب الغيب وهو في غيبه حاضر "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ" إذًا هناك فارق بين المخلوق والخالق ، فلا يجوز لأحد من البشر أن يكون هكذا موجود وغائب وحاضر ومطّلع على السرائر وليس مختلطًا بك من غير حلولٍ ولا اتحاد"هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الذي تقوم به السموات والأرض وهو لا يقوم بشئ ،فكل الناس وكل الخلق يحتاجون إليه سبحانه وهو لا يحتاج لأحد في ذاته وفي بقائه وفي ملكوته وفي ملكه .
اقرأ أيضا:
هؤلاء اشتروا آخرتهم بدنياهم فكسبوا الدنيا والآخرة.. التجارة مع الله لا تخسر أبدًا هذه فضائلهاأما الخلق فاني "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" سبحانه وتعالى ،"كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" إذا هذا هو الفارق بين المخلوق والخالق ؛ الله تعالى باقِ والمخلوق فانِ الْقَيُّومُ فما معنى القيوم ؟ قالوا معناها كتبه الله تحت عرشه كما في البخاري "لا حول ولا قوة إلا بالله" كنز تحت العرش. وماذا يعني هذا الكنز "لا حول ولا قوة إلا بالله"؟ أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المطلق ،وهو الموجد المطلق ،ولا يكون في كونه إلا ما أراد.