كل هذا ليس تدينًا ويضرك ولا ينفعك.. تعرف على المفهوم الصحيح للتدين

بقلم | محمد جمال حليم | الاحد 13 ابريل 2025 - 12:00 م

مفهوم التدين من المفاهيم التي اعتراها غموض كثير وتاه في تفسيرها كثيرون فالتدين في الحقيقة ليس كلمة تقال ولا يكون المسلم متدينا بمجرد الادعاء بل بالحرص على تحصيل أركانه وتحقيق شروطه والعمل بها.

التدين الظاهري:

ويقع كثير من الخلط عند الناس في مفهوم التدين واعتباره التدين الشكلي فقط بمعنى أن يهتم الهدي الظاهري ويتقنه ويحققه ويجتهد أن يكون على هيئة المتدنين حقًا، وليت الأمر يقف عند هذا الحد بل ربما وقع الاختلاف وأقيمت المناظرات واتهم البعض بالتسيب والآخر بالتشدد في التدين الظاهري الذي لا يلبث أن يكون صاحبه صورة جوفاء لو قف عند حدوده فقط خاليا من العلم وتحصيله وفهمه.

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة هذه الأمور وأرشد إلى أهمية الاهتمام بالجوهر بنقاء الصدور وصلاح القلوب فقال فيما روي عَنْ أبي هُريْرة عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ صخْرٍ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ " رواه مسلم.

التدين يعني اليسر:

لا يمكن أن يكون الدين ثقيلا بحيث يقع المسلم في حرج في تبع تكاليف لأن الله قال: "وما جعل عليكم في الدين من حرج.."، فما يدعيه البعض بل وما يوص به من تشدد مقيت وتحرج شديد وتعنت في فهم الدين وتعصب لمذهب وفرض آراء على الغير وغير هذا يعارض مفهوم التدين الذي يعني اليسر والسماحة، ففي الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ" رواه البخاري.

وحديث ابن الأدرع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة» رواه الإمام أحمد في المسند.

التدين قرين حسن الخلق:

ما معنى ان يكون أحدهم مدعيا العلم ومهتمًا بالهدي الظاهري حافظا للآيات والأحاديث ثم هو سيئ الخلق يأكل حقوق الناس ويسعى في الأرض فسادا هل هذا تدينا كلا بل هو عكس التدين ومثل هذا يأتي يوم القيامة مفلسا يسدد ما عليه من حسناته التي يعملها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» رواه مسلم.

التدين يعني الاستقامة على أمر الله ورسوله:

والدني في أبسط معانيه الاستقامة على أمر الله ورسوله، كما في حديث سفيان بن عبد الله الثقفي، قال: قلت: يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال: «قل: آمنت بالله، ثم استقم» رواه ابن حبان في صحيحه.

وفي هذا يقول ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم: " والاستقامة في سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها ".

التدين يعني الخشية من الله:

والعلم هو أساس التدين الصحيح حتى يعبد الله بصيرة والعلم مداره على الخشية ولها ذيمكن أن يقال التدين يعني الخشية ، ولذلك كان يقول لهم: "أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له" رواه البخاري ومسلم .

التدين يعني الاتباع لا الابتداع:

والتدين يعني الاتباع ولذه فقد نهى الأمة أن تتقرب إلى الله إلا بما علمهم إياه، ففي الصلاة "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري عن مالك بن الحويرث، فالتدين لله بالصلاة متوقف على العلم بأحكامها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الحج "خذوا عني مناسككم" رواه أبو داود.