لطالما برز التساؤل حول "أزمة منتصف العمر" هل هي حقيقية أم أنها مسألة وهمية لا أصل لها في الواقع، لكن دراسة حديثة خلصت إلى كونها حقيقية من خلال مراجعة مجموعة كبيرة من البيانات لآلاف الأشخاص.
ومصطلح "أزمة منتصف العمر" صاغه المحلل النفسي الكندي، إليوت جاك في عام 1965، ويعكس الإدراك الفادح بأن الموت يلوح في الأفق، في الوقت الذي يصل فيه المرء إلى ذروة الحياة.
وتوصلت الدراسة إلى أن ضغوط العمل تبلغ ذروتها عند سن 45 عامًا، مما يؤدي إلى الشعور "بالارتباك في مكان عملهم". كما ارتفعت معدلات الأرق والصداع والقلق والاكتئاب مع الوصول إلى مرحلة منتصف العمر المخيفة.
وفيما وصفه العلماء بـ "المفارقة المزعجة"، تحدث هذه المشاعر في نفس الوقت الذي يجب أن يكون فيه الناس، نظريًا، أسعد، مع ارتفاع الرواتب وعدم وجود أي مشاكل صحية.
الفشل في تحقيق أهداف الحياة الرئيسية
وقال الباحثون، وهم خليط من الاقتصاديين البريطانيين والأمريكيين والسنغافوريين، إن هذه الظاهرة يمكن أن تُعزى جزئيًا إلى شعور الناس بأنهم فشلوا في تحقيق أهداف الحياة الرئيسية.
ولم يقتصر الأمر على الآباء الذين لديهم أبناء، إذ أظهرت النتائج أنه حتى الذين ليس لديهم أطفال في الأربعينيات والخمسينيات من العمر يعانون من أزمة منتصف العمر.
في الدراسة التي نشرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في بريطانيا، جمع العلماء البيانات من آلاف الأشخاص في دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا.
تم جمع السجلات المتعلقة بالصحة والرفاهية على مدى عدة عقود. وظهر أن الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر هم أكثر عرضة للإبلاغ عن ضغوط الصحة العقلية والتعاسة من نظرائهم الأصغر سنًا أو الأكبر سنًا.
ويقول الباحثون، إن "منتصف العمر هو الوقت الذي ينتحر فيه الناس بشكل غير متناسب، ويعانون من مشاكل في النوم، ويصابون بالاكتئاب السريري... يجدون صعوبة في التركيز، ونسيان الأشياء، والشعور بالإرهاق في مكان عملهم، والمعاناة من الصداع المعوق، والاعتماد على الكحول".
يأتي هذا على الرغم من حقيقة أنه من الناحية الإحصائية يجب أن يتمتع هؤلاء الأشخاص بأعلى دخل في حياتهم، إلى جانب نقص المشكلات الصحية الناجمة عن الشيخوخة.
وقال الباحثون وفقًا لصحيفة "ديلي ميل": "يبدو أن هناك شيئًا ما خاطئًا في منتصف حياة العديد من مواطنينا".
اقرأ أيضا:
الزواج ليس نهاية الحكاية .. 7 أشياء يبحث عنها الرجل في المرأةأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب
ووُجد أن الأشخاص في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنة بالأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا والأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا.
كما وُجد أن خطر الانتحار قد بلغ ذروته في أوائل الخمسينيات تقريبًا، على الرغم من أن الباحثيم لاحظوا أن هذا كان مبكرًا قليلاً بالنسبة للنساء مقارنة بالرجال.
وبلغت اضطرابات النوم الذروة في الخمسينيات، مما كان سببًا في دخول المستشفيات، وسجل الأشخاص في منتصف العمر أقل عدد من ساعات النوم في الليل، حتى بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم أبناء.
ووجدت دراسة أخرى أجريت على 18 ألف بالغ أن الصداع المعوق، وهو مؤشر للاكتئاب والقلق، بلغ ذروته أيضًا في منتصف العمر.
ولم يكشف الباحثون عن أسباب أزمة منتصف العمر، قائلين إنه "لايزال هناك الكثير لفهمه" حول الظاهرة النفسية.
لكن دراسة أخرى أجريت عام 2020 كشفت أنه في أعقاب تجاوز مرحلة منتصف العمر، تزحف السعادة مرة أخرى مع تقدمنا في العمر مع كون الأشخاص في السبعينيات من العمر سعداء مثل شخص في العشرينات من العمر.