أيام قليلة ويحل علينا أعظم الضيوف، وأجملها وأخفها، بل وأحبها إلى قلوب المؤمنين جميعًا، وهو شهر الله رمضان، فهو شهر القرآن والصيام، والذكر والصدقات، شهر ترى الناس فيه ملائكة، ويتسابقون في الفوز بالتقرب إلى الله عز وجل بشتى الوسائل والطرق، فاللهم بلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين وأعنا على صيامه وقيامه، وتقبله منا يارب العالمين أعوامًا مديدة.
فمن حكمة الله سبحانه أن فاضل بين خلقه زمانًا ومكانًا، ففضل بعض الأمكنة على بعض، وفضل بعض الأزمنة على بعض، ففضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر الشهور، فهو فيها كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كبيرة، فهو الشهر الذي أنزل الله فيه القرآن.
قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» (البقرة:185).
اختيار الله
رمضان هو اختيار الله عز وجل ليس فقط للقرآن وإنما أيضًا لكل الكتب السماوية التي سبقت القرآن، فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان».
وكأن الله يختار هذا الشهر تحديدًا لما فيه من فضل وخصال طيبة، وكأنه شهر (الوصل) بين الله بجلاله وقدره وبين عباده، لكن أي عباد؟.. مؤكد الفاهمون والعارفون بالله، الذين يعون تمامًا فضل هذه الأيام الفضليات، فيستعدون لها أيما استعداد وعلى أكمل ما يكون، حتى يفوزوا بكل ما هو جميل فيه، فينتهي الشهر وقد كتبوا بإذن الله من المغفور لهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قام رمضان إمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنب».
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟شهر التوبة
قبل قدوم رمضان، حاول أن تستعد بقلبك وروحك، وأن تعي يقينًا أنه شهر التوبة والمغفرة، وتكفير الذنوب والسيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»، وهو شهر العتق من النار.
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: «وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة»، فاللهم بلغنا رمضان يارب العالمين مقبلين غير مدبرين بقلوبنا وأرواحنا وكامل حواسنا فتقبل منا يارب العالمين.