هناك عبارة شهيرة في إحدى المسرحيات للفنان فؤاد المهندس يقول فيها لابنته التي رفضت أن يمسك خطيبها يدها: "كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية"، ولو تتبعنا الحوار سنجد أن "فوزية" رفضت أن يمسك خطيبها يدها لمجرد أن "يعديها الشارع"، لينتهي الأمر بالعريس أن يأتي -صحيح متأخرًا بسبب عمله- لكنه أتى ليحضر فرحه، وقال لعروسته حينما تعجبت من أنه أتى بعد كل الذي فعلته فيه بالأمس: "بالعكس لو مكنتيش عملتي كدا يمكن مكنتش جيت".
موقف يمر على الناس ليثير ضحكاتهم، لكن لو توقفنا أمامه قليلاً، سنجد أن هناك رسالة عظيمة جدًا مفادها أن الرجل -بطبيعته الشرقية- يتمنى لو أن أحدًا لم يلمس يد خطيبته التي ستكون ذات يوم زوجته، ويتمنى لو حتى هو نفسه لم يلمس يدها قبل الزواج، ولو طبقنا هذا الكلام على الشرع سنجده يتماشى معه تمامًا، بل أن الشرع يعتبر الخاطب أجنبيًا عن عروسته حتى "كتب الكتاب".
الندم متأخرًا
كثيرة هي الأسئلة والشكاوى التي تبعث إلى العلماء، والتي تتحدث عن فتاة "تركت خطيبها يعبث في جسدها كيفما شاء"، ثم فوجئت به يذهب بلا رجعة، أو يهددها بأنه "سيفسخ الخطوبة"، ثم تقول "لا أدري ما السبب"، رغم أن السبب الواضح تمامًا أن شيطانه أرشده إلى أنها قد تكون فعلت ذلك مع غيره، وبالتالي علينا أن نعي تمامًا أن الأصل في العلاقة بين الخاطب والمخطوبة، أنها أجنبية عنه، فعليه أن يلتزم بذلك، ولا ينس "رقابة الله" عليه.
وليتذكر أن اللعب بمشاعر الفتيات ليس من "الرجولة" في شيء، وإنما مما نهى عنه الشرع الحنيف تمامًا، كما على الفتاة أن تضع حدودًا كبيرة في علاقتها بخطيبها، حتى يتم الأمر وتكن زوجته، وهناك في عش الزوجية تسمح له بكل ما يريد، أما قبل ذلك، فعليها أن تحتاط جيدًا، لأن الأمر جلل، وقد ينتهي بمأساة، وحينها لن ينفع الندم بأي حال.
اقرأ أيضا:
التيسير منهج إسلامي.. احرص عليه في كل تعاملاتكحدود العلاقة
على كل فتاة أن تنحى منحى "فوزية"، ولا تسمح بأي حال بأن يلمس خطيبها أي جزء من جسمها ولو حتى يدها، ولو كان السبب "أنه يعديها الشارع"، فقد لا تتنتهي الخطوبة بالزواج، فماذا تفعل الفتاة حينها؟.. وقد قال أهل العلم في ذلك: (مجرد الخطبة بين الرجل والمرأة لا يحصل بها عقد النكاح، فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك، رضي الطرف الآخر أو لم يرض).
وعليه فلا ينبغي لأحد أن يتساهل في الخلوة أو المصافحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»، وفي ذلك يقول الإمام ابن قدامة: «لا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم، كما لا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، لأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان)».