أخبار

كيف بزيد الايمان وبنقص؟ وما أثر ذلك على العمل والاستقامة على الحق

الفرق بين الحقيقة والوهم.. كيف تأتي الله بقلب سليم؟

تفاصيل وساطة الرسول التي أرعبت أبو جهل وأعادت للأعرابي ماله ..قصة مثيرة

سر البركة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستجابة الله له؟

تعرف على أحكام قضاء السنن .. وهل تقضى صلاة الكسوف لمن لم يصلها؟

6فضائل لقول "لا حول ولا قوة إلا بالله " تجعله جسر العلاقة بين العبد وربه ..إقرار يومي مفتوح بأنواع التوحيد الثلاثة

بر الوالدين واجب.. ماذا عن بر الأبناء؟ (آداب ومواعظ)

مريم ابنة عمران خير نساء العالمين .. هكذا برأتها السماء ومن سيكون زوجها في الجنة ؟

"الناس نيام فإذا ما ماتوا انتبهوا".. كيف تفيق من غفلتك قبل أن يفاجئك الموت؟

دعاء الاستغفار من الذنب

عريس الجنة.. صحابي فضل الشهادة على ليلة زفافه فتسابقت عليه حور العين

بقلم | أنس محمد | السبت 01 اكتوبر 2022 - 02:16 م



اختبار حقيقي في ميزان النبوة يكشف معدن الرجال، وحقيقة الإيمان، من خلال قصة صحابي فقير اسمه جليبيب ـ رضي الله عنه ـ، ليس من أعلام وكبار الصحابة، ومع ذلك قال عنه ـ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( هذا مني وأنا منه ) .



كان جليبيب رجل فقير يتيم لا حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فقد كان شكله دميما جدا لدرجة أنه ما دخل بيت ليخطب منه إلا ورفض أصحاب البيت نسبه، ولكن إخلاصه لدينه وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم جعل منه مضرب المثل في الامتثال والحب.



قال عنه ابن الأثير: " جليبيب بضم الجيم، عَلَى وزن قنيديل، وهو أنصاري، له ذكر في حديث أَبِي برزة الأسلمي في إنكاح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابنة رجل من الأنصار، وكان قصيرًا دميمًا " .

اقرأ أيضا:

بر الوالدين واجب.. ماذا عن بر الأبناء؟ (آداب ومواعظ)


موقف النبي صلى الله عليه وسلم معه يروي أبو بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ ـ رضي الله عنه ـ فيقول : كان جليبيب أحد المساكين من الصحابة الكرام، ليست له أسرة معروفة، ليس عنده مال، ولا منصب، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في ثيابه الممزقة، بطنه جائع، ووجهه شاحب، وأعضاؤه هزيلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “يا جليبيب، ألا تتزوج؟”.



 قال جليبيب: يا رسول الله ومن يزوجني؟ ثم يلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ثانية، فيقول له: “يا جليبيب، ألا تتزوج؟” فيقول: يا رسول الله، ومن يزوجني، لا مال ولا جمال.



ويلقى النبي صلى الله عليه وسلم جليبيباً مرة ثالثة، فيقول: “يا جليبيب، ألا تتزوج؟”.



فيقول: يا رسول الله ومن يزوجني، لا مال ولا جمال.



 فيقول النبي صلى الله عليه وسلم له:”اذهب إلى ذلك البيت من الأنصار، وقل لهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغكم السلام، ويقول: زوجوني ابنتكم”.



أمر نبوي يوضح مدى صعوبة الاختبار على الفتاة التي جاءها فرمان نبوي يأمرها وأهلها بقبول هذا الزوج وإن كان فقيرا دميما، فذهب جليبيب، فطرق الباب، قال أهل البيت: مَنْ؟ قال: جليبيب، قالوا: ما لنا ولك يا جليبيب، فخرج صاحب البيت قال: ماذا تريد؟ قال: الرسول صلى الله عليه وسلم يبلغكم السلام، فارتج البيت فرحاً، ثم قال: ويأمركم أن تزوجوني ابنتكم.



اغتم الرجل وقال أشاور أمها، فشاورها فقالت: لا لعمر الله، لا نزوجه، فسمعت البنت العابدة الناصحة الصالحة، التي دخلت امتحانا صعبا يكشف عن مدى إيمانها وامتثالها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: أتردَّان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ادفعوني إليه؛ فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: “شأنك بها”، فزوجها جليبيباً.



فأنشأ النبي صلى الله عليه وسلم بيتاً، أساسه على الإيمان والتقوى؛ {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة 109].



وحين أعد جليبيب نفسه للزواج في يوم زفافه، أعلن النبي صلى الله عليه وسلم النفير العام للخروج في إحدى الغزوات، ويظهر اختبار أصعب وأشد قسوة لهذا الصحابي الذي ظل ينتظر عمرا أن يتقبله الناس زوجا لإحدى بناتهم، وفي اليوم الذي يفترض أن يكون فيه عريسا يسمع صوت المنادي ينادي بيانا نبويا يأمر الناس بالنفير العام والخروج لهذه الغزوة وهذه الحرب، فماذا يفعل العريس الذي انتظر هذا اليوم بصبر شديد.

يسأل جليبيب نفسه: " هل تترك رسول الله وحده ليخرج محاربا وأنت هنا مع زوجتك؟ هل تترك رسول الله وحده حتى ولو كان هذا اليوم هو يوم زفافك؟".



ينتصر جليبيب لأمر رسول الله ويخرج مهرولا لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هذه الغزوة، ويترك عرسع وعروسته، في ليلة زفافه، وقد أفاء الله على نبيه فيها، في الغزوة ونال جليبيب الشهادة في المعركة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: “هل تفقدون من أحد؟” قالوا: لا، قالوا: “لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه”؛ فطُلب في القتلى، فوجوده إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف عليه، فقال: “قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه”. فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم قال: فحُفر له، ووضع في قبره. وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لزوجته، فقال: “اللهم صبَّ عليها الخير صبّاً، ولا تجعل عيشها كدّاً كدّاً”.



فانظر حب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ، وعنايته واهتمامه بأحوالهم، والسعي في قضاء حوائجهم، فكان لهم نِعْمَ الصاحب لأصحابه، يسعد لسعادتهم، ويحزن لحزنهم، ويسعى لتفريج كرباتهم، وقد ظهر ذلك في اهتمامه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بأمر جليبيب ـ رضي الله عنه ـ ووساطته في زواجه .



وانظر المكانة العظيمة التي تبوأها جليبيب ـ رضي الله عنه ـ وحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشديد له، مما جعله يتفقده ويسأل عنه، ثم يجعل ساعديه له سريرا بعد استشهاده، ويقول مرتين عنه: ( هذا مني وأنا منه )، وقبل ذلك ما ناله من شرف الشهادة في سبيل الله .



وانظر لعاقبة طاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير في الدنيا والآخرة، فقد قال ابن كثير في حديثه عن قصة جليبيب ـ رضي الله عنه ـ: " وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في " الاستيعاب ": أن الجارية لما قالت في خِدرها: أتردون على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمره؟ تلت هذه الآية: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }(الأحزاب:36) " .

وقد قبلت الفتاة بالزواج من جليبيب ـ رضي الله عنه ـ رغم فقره ودمامة خلقته، طاعة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكان من آثار استجابتها وطاعتها للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن دعا لها بقوله: ( اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا ) رواه البيهقي، فأدركتها بركة دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فما كان في الأنصار أيم ( من لا زوج لها ) أنفق منها، قال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: " فما رأَيْتُ بالمدينةِ ثيِّبًا أنفَقَ منها ( أي كثيرة النفقة والخير والأموال )، وما كادت تنتهي عِدَّتها حتَّى تسابق إليها الرجال يخطبونها " .



وانظر ما فعله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع جليبيب ـ رضي الله عنه ـ وقوله عنه بعد استشهاده: ( هذا مني وأنا منه )، نتعلم منه الميزان الصحيح الذي يوزن به الرجال وهو تقوى الله ـ عز وجل ـ، وأن مكانة الناس في قلوبنا تكون على حسب إيمانهم وتقواهم وصلاح أعمالهم، ولو كانوا فقراء .




الكلمات المفتاحية

جليبيب صحابة النبي شهداء الحور العين

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled اختبار حقيقي في ميزان النبوة يكشف معدن الرجال، وحقيقة الإيمان، من خلال قصة صحابي فقير اسمه جليبيب ـ رضي الله عنه ـ، ليس من أعلام وكبار الصحابة، ومع ذل