من الأسئلة الشائعة بين الناس: (لماذا يُعلقنا الله بأناس لن نرتبط بهم؟)، فطالما هو سبحانه يعلم الغيب، ويعلم لمن سيؤول المصير، فلماذا يتركنا نتعلق بهذا أو ذاك، رغم أن النتيجة هي الانفصال أو البعد، أو الفراق؟، والحقيقة يجب أن يعلم هؤلاء أن الله عز وجل منحنا قلب، يمتلك بداخله المتضادان (الحب والكره)، و(الخير والشر).
لكنه سبحانه لم يقل لك أحب هذا بالتحديد، أو اكره هذا بالتحديد، أو تعلق بهذا بالتحديد، أو فارق فلانا هذا بالتحديد، فهذا الأمر نتاج تجاربك واختياراتك أنت الشخصية في الحياة، وقد يأتي الحب والتعلق من النظرة، أو من تسليط خلايا عقلك على شخص معين، فيقع التعلق، لكن لو فكرت مع نفسك قليلا ستجد أن الله عز وجل بالأساس أمرك بغض البصر، ومنعك من التجسس على الناس، إذن فموضوع التعلق هذا منك أنت وليس من الله.
علاج التعلق
التعلق الزائد من مصائد الشيطان، التي يصيد بها بني آدم، فلا يبقى في قلب العبد حظ لربه جل وتعالى، بل حتى العبادات المحضة التي يتقرب بها العبد لمولاه يكون فيها قلب ذلك الشخص هائماً مع من يحب، ولذلك حذرنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم من مثل ذلك فقال: «أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما»، إذن الأمر بيدك، وتستطيع أن تحدد شكل العلاقة بينك وبين الآخرين، فلا تزيد التعلق فتكون النتيجة كارثية.
وهذا الحديث اعتبره الكثير من العلماء أنه من الطب النبوي للقلوب، وهو من باب الوقاية من الداء الذي ابتليت به، ولمواجهة ذلك واظب عزيزي المسلم، على صلواتك في وقتها فهي تعمل على إحداث الاطمئنان والسكينة في قلوبنا، يقول الله عز وجل « الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ » أي يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ».
اقرأ أيضا:
السؤال الأكثر شيوعًا بين الشباب.. هل الحب حرام؟عابر سبيل
كن في هذه الدنيا كعابر سبيل، ولا تترك قلبك يتعلق بما هو مفارقه يومًا ما لا ريب، وحاول أن يكون التعلق الأمثل بخالقك الرحيم الكريم القادر المقتدر، وأنزلي حاجتك به، واسأله ما تريد، فهو قريب مجيب، قال تعالى: « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ » (البقرة: 186).
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: فصل: المفسد الثالث من مفسدات القلب: «التعلق بغير الله تبارك تعالى، وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق، فليس عليه أضر من ذلك، ولا أقطع له عن مصالحه، وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله، وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل».