بقلم |
فريق التحرير |
الجمعة 03 اكتوبر 2025 - 05:31 م
يُعد حب الوطن من أسمى المشاعر الإنسانية التي جُبلت عليها النفوس، فهو ارتباط فطري بين الإنسان وأرضه التي نشأ وترعرع فيها، ومكان ذكرياته وأهله وموطن أجداده. وفي الإسلام، لم يكن حب الوطن شعورًا عابرًا، بل جاء مؤكدًا في النصوص والسيرة النبوية، حتى صار قيمة إيمانية أصيلة، تُحفّز المسلم على عمارة الأرض، وحمايتها، وخدمتها بكل إخلاص.
لقد عبّر النبي صلى الله عليه وسلم عن حبه لوطنه مكة أبلغ تعبير عندما قال وهو يغادرها مُهاجرًا: “ما أطيبك من بلدٍ وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك”، فدل ذلك على أن حب الوطن غريزة فطرية تتوافق مع مقاصد الشريعة في حفظ النفس والنسل والمال والعِرض.
حب الوطن في الإسلام ليس مجرد عاطفة، بل هو التزام عملي يتجسد في عدة صور، أبرزها:
العمل والإنتاج: فخدمة الوطن لا تكون بالشعارات فقط، بل ببذل الجهد في العلم والعمل لرفعة شأنه.
الدفاع عنه: حماية الوطن واجب شرعي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد”، وهذا يشمل الدفاع عن الأرض والعرض.
الالتزام بالقوانين والنظام: احترام النظام العام والحرص على المصلحة المشتركة دليل على صدق الانتماء.
غرس قيم المواطنة في الأبناء: عبر التربية على حب الأرض، والإخلاص في خدمتها، والحرص على وحدتها وتماسكها.
ولا شك أن الوطن الذي يحتضن أبناءه، ويؤمّن لهم الكرامة والعيش الكريم، يستحق الوفاء والتضحية، إذ إن استقرار الأوطان من أعظم النعم التي تستوجب الشكر.
إن ربط الإسلام بين حب الوطن والإيمان، يرسّخ في النفوس أن حماية الأوطان ليست مجرد واجب دنيوي، بل عبادة يتقرب بها المرء إلى الله، وأن الإخلاص في خدمتها هو طريق إلى نهضتها ورقيها. فالوطن أمانة، وحمايته مسؤولية، والوفاء له علامة على صدق الانتماء، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”.
وبذلك يظل حب الوطن من الإيمان، سلوكًا وممارسة، يحمي المجتمع من التفرقة، ويجمع أبناءه على كلمة سواء، ليبقى الوطن حصنًا منيعًا يزدهر بالإيمان، ويعلو بالعطاء.