التيسير على الناس خُلُق إسلامي عظيم.. لماذا يغفل عنها الكثير؟
بقلم |
فريق التحرير |
الاحد 19 اكتوبر 2025 - 09:53 م
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتزداد فيه أعباء الحياة، تظل مبادئ الإسلام وقيمه مصدرًا للراحة والرحمة، ومن أبرز هذه القيم خلق التيسير على الناس. فقد جاءت الشريعة الإسلامية لرفع الحرج والتخفيف على الخلق، قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
لم يكن الإسلام دين مشقة ولا عسر، بل جاء ليُبسط للناس أمور حياتهم ودينهم ويجعل من التعاون والإحسان بينهم طريقًا للأجر العظيم والفلاح في الدنيا والآخرة.
التيسير منهج نبوي
رسخ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلق في المجتمع الإسلامي، فكان مثالًا للرفق والتسهيل على الناس. قال صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" (متفق عليه).
ومن رحمته صلوات الله عليه أنه كان يختصر الصلاة إذا سمع بكاء طفل رحمةً بأمه، ويخفف على الناس في العبادة والسلوك. وهذا دليل واضح على أن التيسير ليس فقط في الأقوال بل هو منهج حياة.
التيسير لا يعني التفريط
التيسير في الإسلام لا يعني التسيب أو ضياع الحقوق، بل هو توازن دقيق بين الالتزام بالدين وعدم التشدد. فقد قال العلماء:
"الشريعة مبنية على اليسر ورفع الحرج وتحقيق المصالح".
ولذلك كان التيسير مرتبطًا بضوابط الشرع ومقاصده، فلا إفراط ولا تفريط، وإنما اعتدال وإنصاف.
صور التيسير على الناس
يتجلى خلق التيسير في الحياة اليومية في صور كثيرة، منها:
1. التيسير في المعاملات
كالتسامح عند البيع والشراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" (البخاري).
2. التيسير في قضاء حوائج الناس
كمن يساعد إنسانًا في مأزق أو يفرج عن محتاج مصيبة ألمّت به، قال صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" (مسلم).
3. التيسير بالكلمة الطيبة
فكلمة الإحسان ولين القول وترك الغلظة كلها من أعمال التيسير، قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83].
4. التيسير في التعليم والدعوة
الداعية أو المدرس أو ولي الأمر الذي يتعامل برفق وحكمة يكون أقدر على التأثير وتحقيق الخير. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".
فضل التيسير وأجره العظيم
التيسير على الناس باب واسع من أبواب الخير، يفتح للعبد رحمة الله في الدنيا والآخرة، ومن فضائله:
سبب لنيل مغفرة الله ورحمته.
من أسباب تفريج الهموم والكروب يوم القيامة.
يزيد الألفة والمودة بين الناس ويصلح المجتمع.
ينشر المحبة ويزيل العداوات ويقضي على القسوة والظلم.
دليل على حسن الخلق وصلاح القلب.
لماذا نحتاج خلق التيسير اليوم؟
في ظل ضغوط الحياة المادية والأزمات الاجتماعية، أصبح الناس في أمسّ الحاجة إلى من يمد لهم يد العون ويخفف عنهم. فكم من شخص أحبطته كلمة، وآخر أحياه أمل بسبب موقف كريم. والتيسير ليس مالًا فقط، بل ابتسامة، نصيحة، معونة، رفق، احترام، دعاء، وستر.
التيسير على الناس قيمة إسلامية عظيمة يجب إحياؤها في البيوت والمدارس والشارع والعمل، فهي أخلاق الأنبياء وصفة الأتقياء. فلنكن جميعًا من أهل الرحمة الذين يحبهم الله ويقربهم إليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن".
