كشفت الأبحاث أن "الصيام المزيف"، أو ما يُعرف باسم النظام الغذائي المحاكي للصيام (FMD)، قد يوفر نفس الفوائد الصحية التي يوفرها الامتناع عن الطعام في مكافحة الشيخوخة.
وهذا النظام مصمم، كما يوحي الاسم، لمحاكاة تأثيرات صيام الماء من خلال استهداف نسبة الجلوكوز في الدم ومستويات الكيتون وغيرها من المؤشرات الحيوية.
وفيما يتميز الصيام التقليدي بالتوقف التام عن تناول الطعام، فإن النظام الغذائي المحاكي للصيام يسمح بتناول كمية محدودة من العناصر الغذائية المحددة ويتم إعداده في دورات؛ وعادةً ما يتم الالتزام به لمدة خمسة أيام شهريًا مع المحافظة على النظام الغذائي المنتظم لبقية الشهر.
وأظهرت أبحاث سابقة أن دورات العلاج القصيرة والدورية يمكن أن تدعم فقدان الوزن، وتعزز تجديد الخلايا الجذعية، وتخفف الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي. كما وجدت تجارب أخرى أنه قد يخفف من أعراض الخرف.
وكشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة "نيتشر كومينيكشن"، أن النظام الغذائي المحاكي للصيام يمكن أن يقلل من علامات شيخوخة الجهاز المناعي- وعن طريق تقليل مقاومة الأنسولين والدهون الكبدية لدى البشر- يمكن أن يخفض العمر البيولوجي - مقياس لوظيفة خلايا وأنسجة الشخص، على عكس العمر الزمني - للشخص بمعدل 2.5 سنة.
وقال الدكتور فالتر لونجو الباحث الرئيس، الأستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا في بيان: "هذه هي الدراسة الأولى التي تظهر أن التدخل القائم على الغذاء والذي لا يتطلب تغييرات مزمنة في النظام الغذائي أو أي تغييرات أخرى في نمط الحياة يمكن أن يجعل الناس أصغر سنًا بيولوجيًا".
ويعرف الباحثون حمية FMD بأنها "نظام غذائي لمدة خمسة أيام غني بالدهون غير المشبعة ومنخفض السعرات الحرارية الإجمالية والبروتين والكربوهيدرات، وهو مصمم لمحاكاة تأثيرات الصيام بالماء فقط مع الاستمرار في توفير العناصر الغذائية الضرورية وجعل الأمر أسهل بكثير على الناس لإكمال الصيام".
ويتم تقليل تناول السعرات الحرارية إلى حوالي 40-50 بالمائة من الاحتياجات اليومية الطبيعية للشخص، ويتم تقييد البروتين والكربوهيدرات بشكل كبير لتحفيز الاستجابات الخلوية والأيضية المشابهة لتلك التي يبدأها صيام الماء.
ويعتمد النظام الغذائي بشكل كبير على السعرات الحرارية من الدهون غير المشبعة، والتي من المعروف أنها تقلل الالتهاب وتعزز صحة القلب، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك بوست".
وخضع المشاركون في الدراسة التي أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا لثلاث إلى أربع دورات شهرية من النظام الغذائي المحاكي للصيام، واتبعوا النظام الغذائي لمدة خمسة أيام قبل العودة إلى نظام غذائي "طبيعي" أو على الطراز المتوسطي لمدة 25 يومًا.
وأثناء التزامهم بنظام غذائي صِحّي، تناول المشاركون حساءً نباتيًا، وألواح طاقة، ورقائق بطاطس، ومشروبات طاقة، وشاي. كما أُعطيت لهم مكملات غذائية غنية بالمعادن والفيتامينات والأحماض الدهنية الأساسية.
وتوصلت الدراسة إلى أن اتباع هذا النظام الغذائي يؤدي إلى خفض عوامل خطر الإصابة بمرض السكري، وخفض دهون الكبد، وإبطاء شيخوخة الجهاز المناعي، وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر، مما يؤدي إلى انخفاض العمر البيولوجي.
وقال كبير مؤلفي الدراسة البروفيسور فالتر لونجو: "تظهر هذه الدراسة لأول مرة أدلة على انخفاض العمر البيولوجي من تجربتين سريريتين مختلفتين، مصحوبة بأدلة على تجديد الوظائف الأيضية والمناعية".
ويؤكد الباحثون أن هذه النتائج تدعم إمكانات النظام الغذائي المحاكي للصيام باعتباره تدخلاً يمكن الوصول إليه يمكنه تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض وتحسين الصحة العامة دون الحاجة إلى تغييرات واسعة النطاق في نمط الحياة أو قوة الإرادة الكبيرة اللازمة للتوقف عن تناول الطعام لعدة أيام في كل مرة.
وويشير الباحثون إلى أنه في حين أن نظام غذائي صحي قد يكون مفيدًا لبعض الأشخاص، إلا أنه ليس مناسبًا للجميع.
ويجب على النساء الحوامل أو المرضعات، أو أولئك الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل، أو حالات موجودة مسبقًا مثل مرض السكري، أو أمراض الكلى، أو أمراض القلب، استشارة أخصائي طبي قبل الانخراط في هذا البروتوكول.
وبالنسبة لأولئك الذين اختاروا النظام الغذائي المحاكمي للصيام، يشدد الخبراء على أهمية الترطيب المناسب ويوصون باستهلاك ما لا يقل عن 2.7 لتر من الماء يوميًا.