يُعدّ شهر رجب أحد الأشهر الحُرُم التي عظّمها الله تعالى، وجعله محطة إيمانية مهمّة في طريق المسلم، إذ يأتي تمهيدًا لشهر رمضان المبارك. وفي هذا الشهر الكريم، تتضاعف قيمة الطاعة، ويُستحب للمؤمن أن يُكثر من العبادات والقُربات، اغتنامًا لفضله واستعدادًا لما بعده.

أولًا: التوبة الصادقة ومراجعة النفس

تُعدّ التوبة من أعظم العبادات في شهر رجب، فهو شهر العودة إلى الله وفتح صفحة جديدة معه. والتوبة الصادقة تعني الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه. قال الله تعالى:

﴿وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾.

وشهر رجب فرصة عظيمة لتطهير القلب وتهذيب السلوك قبل دخول رمضان.

ثانيًا: الإكثار من الاستغفار والذكر

الذكر حياة للقلوب، والاستغفار سبب لمغفرة الذنوب وتفريج الكروب. ويُستحب في رجب الإكثار من قول: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والصلاة على النبي ﷺ. فالذكر يقرّب العبد من ربه ويملأ وقته بالخير.

ثالثًا: الصيام النافلة

لم يثبت حديث صحيح يخصّ صيام أيام معيّنة من رجب، لكن الصيام فيه داخل في عموم فضل الصيام النافلة، لا سيما صيام الاثنين والخميس، والأيام البيض. والصيام يزكّي النفس ويعوّد الجسد على الطاعة استعدادًا لصيام رمضان.

رابعًا: المحافظة على الصلاة والإكثار من النوافل

الصلاة عماد الدين، وأفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه. وفي شهر رجب، يُستحب الحفاظ على الصلوات في أوقاتها، والإكثار من السنن الرواتب، وصلاة الضحى، وقيام الليل ولو بركعات يسيرة، لما لها من أثر عظيم في تقوية الصلة بالله.

خامسًا: قراءة القرآن وتدبره

القرآن هو النور والهدى، وشهر رجب فرصة للعودة إلى كتاب الله، ولو بقدر يسير يوميًا. فالتلاوة مع التدبر تُلين القلوب وتبعث الطمأنينة، وتُهيئ النفس لاستقبال رمضان بقلب حاضر وروح خاشعة.

سادسًا: الصدقة وفعل الخير

الصدقة من أفضل الأعمال في كل زمان، وتتأكد في الأشهر الفاضلة. وتشمل الصدقة المال، والكلمة الطيبة، ومساعدة المحتاجين، وإدخال السرور على قلوب الناس. قال النبي ﷺ: «أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس».

سابعًا: الدعاء والاستعداد لرمضان

كان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان وهم في رجب. فيُستحب الإكثار من الدعاء، ومنه:

اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان.

فالدعاء عبادة عظيمة تُظهر الافتقار إلى الله وحسن الظن به.

واخيرا فإن شهر رجب ليس شهر عبادات مخصوصة بقدر ما هو شهر تهيئة واستعداد، تُزرع فيه بذور الطاعة، وتُصحح فيه النوايا، وتُجدد فيه العزيمة. فطوبى لمن اغتنمه في القرب من الله، وجعله بداية طريقٍ مليء بالطاعة والخير حتى رمضان وما بعده.