"أبو بكر رَجُلٌ أَسِيفٌ" بمعنى رقيق القلب" هكذا ردت السيدة عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلي الله عليه وسلم ،عندما أمرها بإبلاغ والدها الصديق بأن يؤم المسلمين في مرض الرسول.
رقة القلب ليست الصفة الوحيدة التي التصقت بسيدنا أبو بكر طوال حياته ،فقدأطلق عليه أيضا " الأوّاه " لرأفته"،وبل حاز الصديق الفضائل كلها من صدق وإمانة ورحمة بالعبيد وعطف علي الفقراء والمحتاجين لدرجة أن الرسول صلي الله عليه وسلم وصفه بأنه أفضل هذه الأمة بعد نبيها .
رقة القلب لا تنفي وجود جانب مغاير من صفات خليفة المسلمين الأول ،وهي جانب القوة والإصراروالذي ظهر بشدة في تصميمه علي حرب المرتدين ومدعي النبوة لدرجة أنه قال:"و الله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم عليه ".
الشجاعة كانت أيضا مظهرا واضحا في مسيرة سيدنا أبي بكر، سواء فيما يتعلق بنصرة الدعوة الإسلامية أو في غزوات الرسول حيث روت السيدة عائشة مواقف تدل علي شجاعة أبي بكر في نصرة الدعوة .
الموقف الأول تمثل في اجتماع صحابة النبي يوما وكانوا تسعة وثلاثين رجلاً، فاقترح أبو بكر على النبي الكريم ،الاختفاء عن المشهد ولو قليلا ، وعندما اقتنع الرسول الكريم بقوله خرج المسلمون وتفرقوا في نواحي المسجد، ثمَّ وقف الصديق خطيباً يدعو إلى دين الله تعالى.
وما أن بدأ خطب أبو بكر في المشركين ثأروا عليه المشركون وضربوه ضربا شديداً حتى أغمي عليه، من شدة الضرب حماية للنبي ، ثمَّ جاءت عشيرته فأجلوه من بين يد المشركين، وحملوه إلى أهله.
عروة بن الزبير كانت له رواية ،تؤكد شجاعة الصديق فقد سأل يوماً ابن عمرو بن العاص ،عن أشد ما وجد النبي عليه الصلاة والسلام من المشركين، فذكر له أنَّ النبي كان يصلي في حجر الكعبة فجاء عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقاً شديداً.
وما أن رأي أبو بكر ما يتعرض له رسول الله حتي جاء فوضع يده على كتف عقبة ثمَّ دفعه عن رسول الله، وهو يقول: "َتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ"
الشجاعة في المعارك كانت بارزة بقوة في مسيرة سيدنا أبو بكر الصديق ،وهو ما أكده مقاتل فذ وهو سيدنا علي أبن أبي طالب بقوله : كان أشجع الناس ،ويقصد الصديق بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
اظهار أخبار متعلقة
مواقف عديدة:
سيدنا أبو بَكر الصّدِّيق رضي الله عنه هو عبد الله بن أبي قُحافة القُرَشيّ المولود قبل 50عاما من الهجرة النبوية الشريفة والمتوفي عام 13هجرية هو أول من أسلم من الرجال وهو أول الخلفاء الراشدين وأول المبشرين بالجنة.
أول من أسلم من الرجال وهو أول الخلفاء الراشدين وأول المبشرين بالجنة.
كان ابو بكر الصديق الساعد الأيمن للرسول صلي الله عليه وسلم ورفيق الرسول في الهجرة النبوية الشريفة وهو أكثر الصحابة زهدا وإيمانا بل يعتبره عموم المسلمين أفضل خلق الله بعد الرسل والأنبياء .أول الخلفاء الراشدين وأول المبشرين بالجنة والساعد الأيمن للرسول صلي الله عليه وسلم ورفيق الرسول في الهجرة النبوية الشريفة
من هو أبو بكر الصديق ؟
ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال ثم هاجر أبو بكر مُرافقاً للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر الغزوات مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة.
وبعد يوم من وفاة النبي بويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شئون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءاً كبيراً من أرض الشَّام.
أدار أبو بكر الصديق شئون المسلمين لأكثر من 30شهرا بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم ولقي ربه يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده أمير المؤمنين وفاروق الأمة عمرو بن الخطاب .
شجاعة الصديق وجيش أسامة
كان معروفا عن سيدنا أبو بكر انه كان حانيا رقيقا خفيض الصوت معروفا ببكائه عند الصلاة وذلك بسبب النشأة المترفة التي عاشها وثرائه الشديد ولكن هذه الصفات التي حاول البعض اعتبارها ضعفا تلاشت بشكل فوري عندما أعلنت بعض القبائل ارتدادها عن الإسلام حيث تصدي لها أبو بكر بقوة ورفض أي حلول وسط مع هذه القبائل قائلا والله لو منعوني عقالا كان يؤدونه للنبي لقاتلتهم عليه فضلا عن إصراره علي إنفاذ جيش سيدنا أسامة بن زيد رغم معارضة عدد من الصحابة لصغر سن الصحابي الجليل .
الشجاعة ورغم أنها لم تكن ملمحا أساسيا في شخصية سيدنا أبو بكر في الجاهلية وصدر الإسلام الإ أنها بدت واضحة في مواقف عديدة فلا يمكن أن ننسي أنه ، كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار والهجرة، حيث كانا مطلب المشركين يومئذ لأجل القضاء عليهما لو قدروا على ذلك، وهو رفيقه أيضا يوم بدر في العريش،
الموقف الأبرز الدال علي تمكن الشجاعة من شخصية سيدنا أبو بكر بدت واضحة في حرب الردة حيث كان الخليفة الأول للنبي هو من ثبت الله به الأمة عند وفاة رسول الله ، وحين أرتد بعض العرب ومنعوا الزكاة وقف رضي الله عنه تلك المواقف المعروفة، وأقنع من شكك في موت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصر على قتال المرتدين حتى اقتنع الصحابة رضي الله عنهم برأيه وأيدوا في حرب اجتثاث المرتدين
أبو بكر يوم وفاة النبي
مظاهر الشجاعة في شخصية سيدنا أبو بكر لا تنحصر في القتال باليد، كما أن كثرة قتل المشركين ليست معيارا للشجاعة والفضل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم، وهو أشجع الناس على الإطلاق لم يقتل بيده الشريفة إلا مشركا واحدا، وهو أبي بن خلف الجمحي، كما هو معلوم في كتب السير. فهل يمكن القول إن بعض الصحابة الذين قتلوا العشرات كانوا أشجع منه صلى الله عليه وسلم ؟
ولعل أول المواقف التي تدل علي شجاعة الصديق ورباطة جأشه بدت حاضرة بقوة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم حيث أقبل الصديق رضي الله عنه على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغشي بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال : بأبي أنت وأمي ! والله لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي عليك فقد متها، وخرج أبو بكر وعمر يتكلم فقال : اجلس يا عمر. فقام أبو بكر في الناس خطيبا بعد أن حمد الله وأثنى عليه
القوة والإقدام والشجاعة بدت حاضرة في خطاب خليفة رسول الله حيث قال أما بعد :فإن من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات , ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت , ثم تلا هذه الآية : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "آل عمران:144"
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
القرطبي رحمه الله تعالى اعتبر هذه الآية أدل دليلا على شجاعة الصديق وجراءته , فإن الشجاعة والجرأة حدهما ثبوت القلب عن حلول المصائب , ولا مصيبة أعظم من موت النبي صلى الله عليه وسلم ... فظهرت عنده شجاعته وعلمه , قال الناس : لم يمت رسول الله عليه وسلم , منهم عمر , وخرس عثمان , واستخفى علي , واضطرب الأمر فكشفه الصديق بهذه الآية حين قدومه من مسكنه بالسنح بدا متماسكا شجاعا رغم عظم الخطب .
شجاعة أبي بكر طبيعية ودينية
الشجاعة الطبيعية تزامنت في شخصية الصديق بشجاعة دينية متمثلة في قوة يقينية بالله عز وجل، وثقة بأن الله ينصره والمؤمنين، وهذه الشجاعة لا تحصل بكل من كان قوي القلب، لكن هذه تزيد بزيادة الإيمان واليقين، ومما ينبغي أن يعلم أن الشجاعة إنما فضيلتها في الدين لأجل الجهاد في سبيل الله، وإلا فالشجاعة إذا لم يستعن بها صاحبها على الجهاد في سبيل الله كانت إما وبالا عليه إن استعملها بها صاحبها على طاعة الشيطان، وهو ما لم يقع فيه خليفة النبي صلي الله عليه وسلم أبدا .
إقدام أبي بكر منذ صدر الإسلام
شجاعة أبو بكر بدأت قوية منذ صدر الإسلام فهي لا تتوقف علي شجاعة الجهاد والقتال فقط لكنه كانت واضحة في تحديه لقريش وتصميمهم علي دعم رسالة محمد وتصديق كل ما يرددها النبي مهما كانت الشكوك وبل وتحديه لقادة وعظماء قريش الذين حاولوا إثناءه بكل الوسائل عن إتباع الرسول وتحرير العبيد وإنفاق المال لإنقاذهم من العذاب
شجاعة أبو بكر بدأت متمكنة من شخصية الصديق يوم وفاة النبي وعندما ارتدت القبائل ومنعت الزكاة يومها امسك بتلايبب سيدنا عمرس قائلا : أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا ابن الخطاب ليؤكد أن سيدنا أبو بكر لم يكن يبدي أي ليونة في حد من حدود الله وبل قويا شجاعا في مناصرة الدعوة.