عامر عبدالحميد
اعتنت العرب بتسجيل الحكمة على لسان الحيوانات، وإن كان سبقهم غيرهم في ذلك من الحضارات كالهنود في كليلة ودمنة، والإغريق في خرافات إيسوب.
وذكر الحكماء العرب في أمثالهم أنهم قالوا قد قيل للذئب: ما بالك تعدو أسرع من الكلب؟.
فقال الذئب : لأني أعدو لنفسي والكلب يعدو لصاحبه.
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟ ومن حكم العرب أيضا، قالت العرب: وجدت الضبع تمرة فاختلسها الذئب فلطمته لطمة فتحاكما إلى الضب .
فقالت يا أبا الحسيل: قال سميعا دعوت قالت جئناك نحتكم إليك.
قال: في بيته يؤتى الحكم، قالت إني التقطت تمرة.
قال: حلوا جنيت.
قالت: إن الثعلب أخذها قال حظ نفسه بغى.
قالت: لطمته قال أشفيت والبادئ أظلم .
قالت: فلطمني قال حرا انتصر لنفسه .
قالت: اقض بيننا، قال قضيت.
قالوا أيضا: صادت حدأة سمكة فهمت ببلعها فقالت لا تفعلي فإنك إن أكلتيني لم أشبعك ولكن استحلفيني بما شئت إنني آتيك كل يوم بسمكة ففتحت فاها لتحلفها فانسابت منها.
فقالت: ارجعي فقالت ما رأيت في مجيئي إليك خيرا فأعود.
ومن جميل أمثالهم أنه كان أبو أيوب المرزباني وهو وزير أبو جعفر المنصور إذا دعاه يصفرّ ويرعد فإذا خرج من عنده عاد لونه.
فقالوا له إنا نراك مع كثرة دخولك إلى أمير المؤمنين وأنسه بك تتغير إذا دخلت عليه.
فقال: مثلي ومثلكم في هذا مثل صقر وديك تناظرا فقال الصقر: للديك ما أعرف أقل وفاء منك.
قال: وكيف قال تؤخذ بيضة فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم فيطعمونك بأكفهم حتى إذا كبرت صار لا يدنو منك أحد إلا طرت ههنا وصحت ههنا فإن علوت حائطا كنت في سنين طرت منها وتركتها وصرت إلى غيرها.
أما أنا أوخذ من الجبال وقد كبر سني فأطعم الشيء اليسير وأوثق يوما أو يومين ثم أطلق على الصيد فأطير وحدي فآخذه وأجيء به لصاحبي.
فقال له الديك: ذهبت عنك الحجة أما أنك لو رأيت صقرين في سفود ما عدت إليهم أبدا وأنا كل وقت أرى السفافيد مملوءة ديوكا وأبيت معهم فأنا أوفى منك ولكن لو عرفتم من المنصور ما أعرف لكنتم أسوأ حالا مني عند طلبه إياكم.