عامر عبدالحميد
لقب الصحابي الجليل زيد بن حارثة بـ" حب" النبي صلى الله عليه وسلم، كما لقب ابنه أسامة بن زيد بحبه ابن حبه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبهما بحق، ويكفي حقهما وتقديرهما أنه كان يرسلهم أمراء على السرايا، وقد ظهرت ذروة هذا التقدير في سرية مؤتة، وبعث جيش أسامة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والذي لقي اعتراضا كبيرا، ولكن نفذه الصديق امتثالا لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أوامره حيّا وميتا.
وكانت أول سرية لزيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه إلى القردة في أول جمادى الآخرة سنة ثلاث من الهجرة، وهي أول سرية خرج فيه زيد أميرا.
وسببها أن قريشا لما كانت وقعة بدر خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكونه إلى الشام، فسلكوا طريق العراق.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب، ومعه فضة كثيرة، وهي عظم تجارتهم، وخرج صفوان بن أمية بمال كثير نقر فضة وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم، وأرسل معه أبو زمعة ثلاثمائة مثقال ذهب ونقر فضة.
كما بعث معه رجال من قريش ببضائع، وخرج معه عبد الله بن أبي ربيعة، وحويطب بن عبد العزى في رجال من قريش.
واستأجروا فرات بن حيان، دليلا لهم في الصحراء، فخرج بهم على طريق ذات عرق.
فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم، فأرسل زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوا لها بالقردة، فأصابوا العير، وأفلت أعيان القوم، وأسروا رجلين أو ثلاثة.
وقدموا بالعير على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخمسها، فبلغ الخمس قيمة عشرين ألف درهم، وقسم الباقي على أهل السرية.
وكان في الأسارى فرات بن حيان، وكان أسر يوم بدر، فأفلت على قدميه، فكان الناس عليه أحنق شيء.
وكان الذي بينه وبين أبي بكر حسنا، فقال له: " أما آن لك أن تقصر؟".
قال: «إن أفلت من محمد هذه المرة لم أفلت أبدا» .
فقال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه: «فأسلم»، فأتى به رسول الله صلى الله عليه فأسلم فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم.