"التعليم الإلكتروني" ، أو "التعليم عن بعد"، أصبح بين عشية وضحاها وبمجرد تفشي وباء فيروس كورونا في نصف بلدان العالم هو البديل للتعليم التقليدي في الصفوف الدراسية، بعد أن تم اغلاق المدارس في كل البلدان التي تفشى بها الفيروس.
ففي الثامن عشر من مارس الجاري، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية (اليونسكو) عبر بيان لها أن حوالي نصف طلاب العالم من مختلف المراحل التعليمية من رياض الأطفال حتى الجامعة، قد انقطعوا عن التعليم ، وأن الأمر قد يطول بحسب المؤشرات الحالية، ومن ثم هرعت الهيئات الدولية والاقليمية إلى البديل وهو "الفضاء الإلكتروني"، وقامت منظمة اليونسكو بإنشاء موقع ضخم يضم العديد من البرامج والمنصات التعليمية المتاحة باللغات المختلفة، وللتيسيرعلى القراء قامت بتقسيم هذه القائمة المطولة بحسب المناطق الجغرافية والدول.
اقرأ أيضا:
طفلي لا يحفظ الأسرار.. ماذا أفعل؟إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة، فللإنتقال من نظام تعليمي كان يعتمد على المدرس والمدرسة والالتقاء الشخصي بين الطالب والمعلم، إلى نظام مختلف تمامًا، الكثير من التبعات، والتحديات، والآثار السلبية على الآباء والأمهات في المنازل، نذكر منها:
أولًا: آثار نفسية فبقاء الأبناء من مختلف المراحل التعليمية والأعمار داخل البيت لفترات طويلة، واحساس الأب والأم أنهم مطالبون بدور لم تتم تهيأتهم من أجله في مساعدة الأبناء على تلقي التعليم الإلكتروني في البيت، هو أمر مربك، وضاغط نفسيًا، من شأنه أن يصيب معظم الآباء والأمهات بالقلق والاضطراب، خاصة وأن موقف الوالدين من التعليم عن بعد ليس واحدًا، مما يؤدي إلى انعكاس نفسي سلبي على الأطفال.
فهناك آباء وأمهات رافضون للتعليم عن بعد، شكلًا وموضوعًا، ويرونه شر محض، ومؤثر سلبي على القيم والأفكار، ويعدونه نوعًا من الغزو الثقافي، ومنهم من يخاف من الخوض فيه لجهله به، ويتشكك في كونه تعليمًا معتمدًا، وعدم الثقة في فعاليته، وتوقع انحراف الأبناء بسببه، وتعرفهم على غرباء واختلاطهم بآخرين كثر ومختلفون، وهناك من يهول من فوائده ويعتبره مصباح علاء الدين الذي سيقذف بالأبناء نحو القمة علميًا وثقافيًا، خاصة جيل القرن الواحد والعشرون، المنسجم مع التقنيات الحديثة، من لديهم قدرة على استيعاب التقنيات والرقميات والخوارزميات وفهمها.
اقرأ أيضا:
7 تقنيات لترك انطباع إيجابي عنك في العملثانيًا: آثار اجتماعيةحيث يفقد الأبناء بعدًا رئيسًا في نمو شخصياتهم، وهو البعد الإجتماعي والاختلاط مع الأقران، ففقدان هذا التواصل لا يعوضه التواصل التقني في احداث الأثر النفسي المطلوب في تكوين الشخصية.
فالتواصل مع الآخرين هو الاختبار العملي للمباديء، والأخلاق، وهو بيئة التطبيق، ورافد تنمية الجانب الاجتماعي لدى الابناء، ما يعد فرصة تربوية قيمية ضائعة وبلا بديل.
ثالثًا: آثار إقتصادية
ففي حين يرى البعض التعليم الالكتروني عن بعد رخيصُا إلا أنه ليس هكذا لدى كل الأسر، فللوضع الجديد تكلفته الخاصة.
فالتعليم الالكتروني يقتضي توافر جهاز كمبيوتر لكل طالب داخل البيت الواحد، وشراء بعض البرامج، السماعات، طابعة أوراق، أوراق، إلخ، فضلًا عن ضرورة توفر باقات انترنت عالية التكاليف لضمان قدرة الأبناء على متابعة الفيديوهات والدروس التي يتم بثها على الشبكة دون حدوث أي مشاكل أو انقطاع للخدمة، مما يشكل المزيد من الضغط النفسي والقلق على الأسرة.