لم يكن الرجال فقط من المعاندين، أوهم الذين يقومون بسب الرسول وأذيته مع المسلمين، ويكفي ما ورد في ذلك ما جاء في القرآن في شأن حمالة الحطب زوجة أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن كانت هناك سيدات أخريات من المشركين، اللاتي دأبن على إيذاء الرسول الكريم، بل محاولة قتله مثلما حدث في غزوة خيبر.
قصة أم قرفة:
ومن هؤلاء النساء الشقيات امرأة تدعة بـ" أم قرفة"، حيث كان بعث الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، إلى وادي القرى أيضا في رمضان سنة ست من الهجرة، فظفر ابنتها.
وتفاصيل القصة من بدايتها أنه زيد بن حارثة رضي الله عنه خرج في تجارة إلى الشام ومعه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما كان دون وادي القرى ومعه ناس من أصحابه لقيه ناس كثيرون من بني فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه حتى ظنوا أنهم قد قتلوا، وأخذوا ما معهم.
فقدموا المدينة ونذر زيد بن حارثة ألا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة، فلما برأ من جراحته ومن مرضه، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وقال لهم: «أكمنوا النهار وسيروا الليل» .
فخرج بهم دليل من بني فزارة وقد نذرت بنو بدر، فكانوا يجعلون ناظرا لهم حين يصبحون فينظر على جبل مشرف وجه الطريق الذي يرون أنهم يؤتون منه، فينظر قدر مسيرة يوم، فيقول اسرحوا فلا بأس عليكم.
فإذا أمسوا وكان العشاء أوفى على منظره ذلك فينظر مسيرة ليلة فيقول: ناموا فلا بأس عليكم هذه الليلة.
فما كان زيد بن حارثة وأصحابه على نحو مسيرة ليلة، أخطأ بهم الطريق دليلهم فأخذ بهم طريقا أخرى حتى أمسوا وهو على خطأ ففرجوا خطاهم، ثم صمدوا لهم في الليل حتى صبحوهم، فأحاطوا بالحاضر، ثم كبر وكبر أصحابه.
وخرج سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يطلب رجلا منهم حتى قتله وقد كان أمعن في طلبه.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاأولاد أم قرفة:
كما أسر عبد الله بن مسعدة، وأخذت جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر وأمها أم قرفة واسمها فاطمة بنت ربيعة بن بدر وكانت عند حذيفة بن بدر، وهي عجوز كبيرة كانت في بيت شرف من قومها.
وكانت العرب تقول: «لو كنت أعز من أم قرفة - ما زدت- لأنها كانت تعلق في بيتها خمسين سيفا كلهم لها ذو محرم.
وكان لها اثنا عشر ولدا، كنيت بابنها قرفة قتله النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر بنيها قتلوا مع طليحة في الردة فلا خير فيها ولا في بنيها.
فأمر زيد بن حارثة بقتل أم قرفة لسبها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت قتلا عنيفا.
ولما قدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك قرع باب النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه متخففا من بعض ملابسه، يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبّله فأخبره زيد بما ظفره الله تعالى به.
نهاية ابنة أم قرفة:
وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة وبعبد الله بن مسعدة، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له جمالها فقال: «يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك» .
فقال: يا رسول الله جارية رجوت أن أفتدي بها امرأة منا في بني فزارة فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام مرتين أو ثلاثا حتى عرف سلمة أنه يريدها فوهبها له، فوهبها النبي صلى الله عليه وسلم لخاله حزن بن أبي وهب المخزومي.