محمد بن واسع ابن جابر بن الاخنس تابعي جليل ولد في البصرة في عهد الدولة الأموية دون أن يحدد تاريخ معين لمولده كان من رواة الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم إذ روي 15حديثا وكان محل ثقة وعدولا بين الرواة لم يرد له حديث كان صواما قواما زاهدا في كل شئ مهما غلاء ثمنه وزادت قيمته .
هذا التابعي حاز مكانة عظيمة بين قومه وحيث كان معاصروه يصفونه بالإمام القدوة وأفضل أهل البصرة حيث نقل الاصمعي عن سليمان التيمي قوله عن ابن واسع :"ما أحد أحب أنألقى الله بمثل صحيفته مثل محمد بن واسع "وروى معتمر عن أبيه القول : "ما رأيت أحدا قط أخشع من محمد بن واسع" وقال جعفر بن سليمان كنت إذا وجدت من قلب قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع.
وعن مناقب التابعي الجليل نقل حماد بن زيد قول رجل لمحمد بن واسع :أوصيني قال اوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والآخرة قال كيف قال ازهد في الدنيا وعنه قال طوبى لمن وجد عشاءولم يجد غداء ووجد غداء ولم يجد عشاء والله عنه راض.
مناقب التابعي الجليل لم تقف عند الزهد والورع والتقوي حيث كان ابن واسع مقاتلا شجاعامقداما يرهب الأعداء وكيف لأ حين يصفه فائح اسلامي عظيم هو قتيبة بن مسلم الباهلي بأن اصبعه افضل من مائة الف سيف حيث نقل الرواةالقول : لما صاف قتيبة بن مسلم للترك وهاله أمرهم سأل عن محمد بن واسع فقيل هو ذاكفي الميمنة جامح على قوسه يبصبص بأصبعه نحو السماء فقال الباهلي تلك الاصبع أحب الي من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير.
وعن مناقب التابعي الجليل قال ابن شوذب :قسم أمير البصرةعلى قرائها فبعث إلى مالك بن دينار فأخذ فقال له ابن واسع قبلت جوائزهم قال سل جلسائي قالوا يا أبا بكر اشترى بها رقيقا فأعتقهم قال أنشدك الله أقبلك الساعة علىما كان عليه قال اللهم لا إنما مالك حمار أنما يعبد الله مثل محمد بن واسع قال ابن عيينة قال ابن واسع لو كان للذنوب ريح ما جلس إلي أحد.
التابعي الجليل محمد بن واسع كان يطلق عليه زين القراءوونقل عن ابن واسع أنه كان يبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم عن بكائه شيئا في تأكيد علي ان عبادته وقراءته للقرآن كانت خالصة لوجه الله حيث كان يحرص علي وصمهابالسرية ليحصل علي الأجر والثواب لوجه الله تعالي .
الزهد كان خلقا مهيمنا علي شخصية التابعي الجليل حتي صارالزهد ومحمد ابن واسع كأنهم شخص واحد وذات يوم كان يشارك في معركة بقيادة الفاتح الإسلامي يزيد بن الملهب ، حيث استطاع الأخير أن يحصد العديد من الأموال الطائلة ، هذافضلًا عن أنه قد نال تاجًا مميزًا ، وفريدًا من نوعه ، إذ كان يتضمن بين ثناياه ،مجموعة من دقائق الجواهر النفيسة ، والنادرة ، في آن واحد .
وبعد حصول هذا الفاتح الإسلامي علي هذه الجوائز القيمية ،نظر إلى من هم حوله ، وسألهم متعجبًا ، حيث قال لهم : ” أتدرون أيها المسلمون الأفاضل أي أحد يمكن أن يزهد في هذا التاج الغالي الثمين ؟ ” وعلى الفور ، وبدون تردد ، أجابه جميع الحضور قائلين في نفس واحد :” بالطبع ، لا نعلم ، فلا نظن أن يفرط أي أحد في تاج مثل الذي تملكه ، وحصلت عليه يا يزيد .
يزيد لم يكن أمامه في ظل حيرة جنوده المسلمين ، الإ أن بادرهم بابتسامة ، ثم قال لهم :” والله ثم والله ، إني أعرف جيدًا رجلًا إذا ما عرض عليه تاجًا مثلما أملك ، أو أي شيء أغلى منه ، فإنه بكل تأكيد ، وبدون تردد ، سيزهد فيه .
وبعد المحادثة التي تمت بين ابن المهلب وجنوده قام باستدعاء ، محمد بن واسع ، بوصفا كان واحد من ابرز مقاتلي الجيش الإسلامي ، عرض يزيد عليه بأن يأخذ منه التاج النفيس ، الذي يملكه ، إلا أن ابن واسع ، رفض أن يأخذالتاج ، بدون أي تردد ، وقال قولًا واحدًا : إنني لا حاجة إلي في مثل هذا التاج ” .
رفض ابن واسع للتاج لم يدفع القائد الي اليأس بل ، وعاد يطلب من محمد بن واسع ، أن يأخذ منه التاج ، مرة ثانية ، حيث قال له : ” أقسمت عليك يا ابن واسع ، أن تأخذ مني هذاالتاج ” ، حينها لم يجد ابن واسع بدًا من أن يأخذ منه التاج .
وبعد أخذ ورد غادر التابعي الجليل مجلس يزيد ومعه التاج ، وخرج به في الحال، إلا أن ابن الملهب قد أمر أحد رجاله بتتبع محمد بن واسع ، حتى يرى ما سيقوم بفعله تجاه التاج الذي قد حصل عليه بين يديه ، وأوصاهم بمراقبته جيدًا ، سار الرجل وراء ابن واسع ، فوجده أثناء سيره في طريقه ، قد رأى سائلًا ، يبدو عليه الفقرالشديد ، والحاجة الملحة
الرجل الفقير طلب من التابعي الجليل المساعدة وهنا كانت الصاعقة تنزل علي الجندي الذي أمر ه يزيد بن المهلب بتتبع ابن واسع .حيث لم يطل الاخير في التفكيربل أخرج التاج دون أي ترددوسلمه للرجل الفقير ، دون أي ندم علي تفريطه في هذه الجائزة الكبري ولكن الامر لم ينته حيث ارسل القائد يزيد رجلا من جنوده الي الرجل الفقير وقدم له مالا وفيراواستعاد منه التاج الذي قدم له التابعي الجليل الزاهد صدقة لله تبتغي مرضاته.