السيرة النبوية امتلأت بنماذج عظيمة ضربت أروع الأمثلة في الورع والتقوي والشجاعة والإقدام والزود عن الدين الإسلامي باروا جهم وأموالهم وهذا نموذج لم يقتصر علي الصحابة الرجال بل امتدت الي حزمة من الصحابيات الجليلات اللائي اقتربن من النبي وحزن علي تقديره ومنهم الصحابية الجليلة الشهيدة أم ورقة الأنصارية
الصحابية الأنصارية الجليلة كانت تدعي أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية أسلمت بشكل سريع عندما خطت إقدام الرسول صلي الله عليه وسلم الشريفة أرض المدينة المنورة حيث بايعت الرسول صلّ الله عليه وسلم قبل غزوة بدر بأيام قليلة .
الصحابية الجليلة كانت صوامة قوامة ومعروفة بالتقوي والصلاح في المجتمع الإسلامي المدني بل أنها كانت من فواضل نساء عصرها، ومن أكثر نساء المسلمين كرما وبذلا حيث نشأت على حب كتاب الله تعالى، وراحت تقرأ آياته آناء الليل وأطراف النهار حتى غدت إحدى العابدات الفاضلات؛ فجمعت القرآن، وكانت تتدبر معانيه، وتتقن فهمه وحفظه، كما كانت قارئة مجيدة للقرآن، واشتهرت بكثرة الصلاة وحسن العبادة.
الصحابية الجليلة كانت معروفة بحفظها للقرآن الكريم لدرجة أنها شاركت في جمع القرآن بعد وفاة النبي بشكل جعلها تحوز تقدير رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث كان يشيد بها ويعرف مكانتها، ويكبر حفظها وإتقانها، بل ان النبي وإمعانا في تقديرها استجاب لطلبها بتحويل بيتها لمسجد وامر النساء بالصلاة فيه.
الشيدة أم ورقة لم يقتصرها حبها للإسلام علي صعيد الصلاة وقراءة القرآن ورواية الحديث بل كانت ترغب في الجهاد حيث استأذنت النبي صلي الله عليه وسلم للجهاد والشهادة في سبيل الله؛ وهي الواقعة التي قصتها بالقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرًا قلت له: يا رسول الله، ائذن لي في الغزو معك، أمرض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة.
الرسول صلي الله عليه وسلم رد عليها قائلا قال: "قري في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة" فلم يكن أمها من خيار الا طاعة النبي والعودة الي بيتها برغبتها استجابة لأمر الله بلزوم طاعة نبيه
ومنذ تلك الواقعة بينها وبين النبي غدت أم ورقة - رضي الله عنها - تعرف بهذا الاسم "الشهيدة" بسبب قوله - عليه الصلاة والسلام -: "قري في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة"، ولما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد زيارتها اصطحب معه ثلة من أصحابه الكرام، وقال لهم: "انطلقوا بنا نزور الشهيدة"
الصحابية ام ورقة لزمت بيتها تنتظر وعد الرسول الله بالشهادة حيث تحافظ على شعائر الله تعالى طوال حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم لى الله عليه وسلم، وكانت تنتظر ما بشرها به رسول الله .
ولم يمر وقت طويل حتي ذهب رسول الله لملاقاة ربه حيث وهو راضٍ عن الصحابية الجليلة أم ورقة، ثم جاء عهد أبي بكر - رضي الله عنه - فتابعت حياة العبادة والتقوى على الصورة التي كانت عليها من قبل وفي فاروق الأمة عمر بن الخطاب كان - رضي الله عنه - يتفقدها ويزورها، اقتداء بالرسول صلي الله عليه وسلم .
وفي عهد سيدنا عمر بن الخطاب كانت الصحابية الجليلة غلاماً وجارية، وكانت قد وعدتهما بالعتق بعد موتها، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها، وهربا، فلما أصبح عمر - رضي الله عنه - قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة في إشارة للصحابية الجليلة .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوهنا دخل فاروق الأمة عمرو ابن الخطاب بيت الصحابية الجليلة فلم ير شيئًا، فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال: صدق الله ورسوله، ثم صعد المنبر فذكر الخبر، وقال: عليَّ بهما، فأتي بهما، فصلبهما، فكانا أول مصلوبين في المدينة.
تأمر العبيد والجارية علي الصحابية الجليلة التي كانت قد وعدتهم بالعتق بعد وفاتها ساق لها الشهادة التي وعدها بها النبي قبل اشتعال غزوة بدر وقدم دليلا علي التقدير التي كانت تحظي به الصحابية الجليلة من قبل الرسول وكل من سيدنا ابو الصديق وعمر بن الخطاب.