ربما لم يتأذَ المسلمون في حروب بدت مقدماتها منذ عصر الرسول بمثلما تأذوا في معاركهم مع مدعي النبوة مسيلمة الكذاب، حيث استشهد العديد من الصحابة أثناء ردته بعد وفاة النبي الكريم وادعائه للنبوة.
وبالرغم من ادعاء مسيلمة الكذاب للنبوة، وإرساله الرسل للنبي صلى الله عليه وسلم، وإقرارهما أمامه باتبعاهما لمسيلمة، إلا أن النبي لم يقتلهما، فصارت سنة نبوية من بعدها أن الرسل لا تقتل.
روى سلمة بن نعيم بن مسعود عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه يقول لهما: «وأنتما تقولان بمثل ما يقول؟» قال: نعم فقال: "أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما".
وعن عبد الله بن مسعود قال: جاء ابن النواحة، وابن أثال رسولين لمسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: «تشهدان أني رسول الله؟» فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آمنت بالله ورسله، ولو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما".
يقول عبد الله بن مسعود: فمضت السنة بأن الرسل لا تقتل.
وفي البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا به لحقنا بمسيلمة الكذاب بالنار، وكنا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجرا هو أحسن منه ألقينا ذلك وأخذناه، فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به,
اقرأ أيضا:
زيد الخيل .. صحابي جليل طالب الرسول بـ 300فارس لإخضاع الروم.. قصة إسلامه مثيرةوأضاف أننا كنا إذا دخل شهر رجب قلنا: جاء منصل الأسنة فلا ندع سهما فيه حديدة ولا حديدة في رمح إلا نزعناها وألقيناها.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني، ثم انصرف عنه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بينما أنا نائم أتيت بخزائن الأرض فوضع في كفي سواران من ذهب فكبرا علي فأوحي إليّ أن أنفخهما فنفختهما فذهبا، فأولتهما الكذابيْن اللذيْن أنا بينهما صاحب صنعاء وصاحب اليمامة" .