كان فتح مكة فتح مبينا ونصر عظيما للإسلام ثبت أركان الدولة الفتية وجعلها تتبوأ الوضع الذي يليق بها فبعد الخلاص من مشركي مكة وتبوك وأسلمت ثقيف أصبح لأنصار الدين الجديد قوة وشكيمة وهيبة دفعت وفود القبائل العربية للقدوم طائعة مختارة من اجل التعرف علي الدين الجديد خصوصا من جنوب شبه الجزيرة العربية واليمن .
وكان من أبرز نتائج الفتح أن أقبلت الوفود علي الرسول في المدينة من كل مكان في أرجاء الجزيرة ، لتستفسر عن الدعوة الجديدة ، وكان النبي صلَي الله عليه وسلم ، يهتم بتلك الوفود ، ويحرص على تعليمها ودعوتها ، بالحكمة والموعظة الحسنة.
التي جاءت للمدينة الوفد الذي ضم الصحابي الجليل ضمام بن ثعلبة على النبي وكان من ضمن الوفودحيث وقع عليه اختيار قومه ليهب إلى النبي محمد صليَ الله عليه وسلم ، فوفد على النبي وهو مع أصحابه في المسجد ، فأقبل يسأل عن النبي ، فأجابه النبي ، وكان يريد أن يسأل عن هذا الدين الجديد ، فقال : أسألك بربك ورب من قبلك ، آلله أرسلك إلى الناس كلهم ؟ فقال : اللهم نعم ، قال أنشدك بالله ، آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة ؟ قال : اللهم نعم .
وتوالت أسئلة ضمام للنبي وهي أسئلة تدل على مبلغ علمه ، ودقة معرفته بالدين الجديد فقال : أنشدك بالله ، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة ؟ قال : اللهم نعم ، قال : أنشدك بالله ، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها في فقرائنا ؟ فقال النبي صلَ الله عليه وسلم : اللهم نعم ، ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة كلّها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها حتى إذا فرغ .
ردود النبي كان له وقع عظيم علي الصحابي الجليل فلم يكن أمام من خيار الا أن أعلن أسلامه ، قائلًا : آمنت بما جئتَ به ، وأنا رسول ومِن ورائي قومي ، وعاهد النبي على طاعة أوامره ، واجتناب نواهيه دون زيادة أو نقصان ، ثم انصرف إلى بعيره ، فقال النبي صلَي الله عليه وسلم : إن يصدق ذو العقيصتين ، يدخل الجنة .
بعد إعلان إسلامه خرج هذا الصحابي الجليل عائدًا إلى قومه ، حتى قدم عليهم ، فاجتمعوا إليه يسألونه عما سمع عن الدين الجديد ، فكان أول ما تكلم به أن لعن اللات والعزى ، قالوا له : اتق البرص ، والجذام اتق الجنون ، قال : ويلكم ، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولًا ، وأنزل عليه كتابًا لينقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله .
مخاوف قوم سيدنا ضمام الذين ينحدرون من اليمن لم تجعله يترجع قيد انملة عن دعوتهم للإسلام حيث استمر يحاور قومه ويدحض الباطل ، مبينًا لهم ما أمر الله به نبيه والمسلمين ، وما نهاهم عنه ، ومن تعاليم هذا الدين ، قال فو الله ما أمسى من ذلك اليوم من رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ، وفي ذلك يقول ابن عباس فما سمعنا بوافد قومٍ كان أفضل من ضمام بن ثعلبة:
.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاالصحابي الجليل كانت له مآثر عديدة منها أنه كان أمينًا ناصحًا حريصًا على قومه ، بقدر ثقتهم فيه ، فلم يُرد أن يظلوا على الشرك لحظة واحدة بعد ما عرف الحق ، وذاق طعم الهداية ، فعندما اطمأن لما سمعه من النبي ، وصدَّق رسولَ الله ، وآمن به ، هاجم الشرك المتمثل في اللات والعزى ، ولم يجامل في الله أحدًا بعد أن آمن به ، ولو كانوا قومه وأقرب الناس إليه .