نسمع كثيرًا عن وفود القبائل وسادات العرب على النبي صلى الله عليه وسلم وما دار بينهم من معجزات وآداب في ذلك، لكن هل وفدت الجن على النبي صلى الله عليه وسلم؟
يقول كتّاب السيرة النبوية: كان إسلام الجن ووفادتهم على النبي صلى الله عليه وسلم كوفادة الإنس فوجا بعد فوج وقبيلة بعد قبيلة بمكة وبعد الهجرة.
فعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إن أهل الصُّفة أخذ كل رجل منهم رجلا وتركت فأخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى إلى حجرة أم سلمة، ثم انطلق بي حتى أتينا بقيع الغرقد، فخط بعصاه خطا ثم قال: «اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك».
يقول ابن مسعود : ثم انطلق يمشي وأنا أنظر إليه من خلال الشجر، حتى إذا كان من حيث أراه ثارت مثل السحابة السوداء، فقلت: ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن هذه هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه فأسعى إلى البيوت فأستغيث بالناس.
فذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني ألا أبرح مكاني الذي أنا فيه.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهافسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعهم بعصاه ويقول: "اجلسوا"، فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح ثم ثاروا وذهبوا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: أولئك وفد الجن سألوني المتاع والزاد فمتاعهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة فلا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يومن أكل ولا روثة إلا وجدوا عليها حبها الذي كان يوم أكلت.
وعن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال: " أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة؟".
فخرجت معه حتى ذهبت عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى أرض فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم من بين أرجلهم.
فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة حتى ما تحملني رجلاي من الخوف، فلما دنونا منهم خطّ إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبهام رجله خطّا.
فقال: " اقعد في وسطه، فلما جلست ذهب عني كل شيء كنت أجده من ريبة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينهم، فتلا قرآنا وبقوا حتى طلع الفجر ثم أقبل. فقال: "الحقني" .
يقول الزبير : فمشيت معه فمضينا غير بعيد فقال لي: التفت وانظر هل ترى حيث كان أولئك من أحد؟".
فخفض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأرض عظما وروثة ثم رمى بهما وقال: " إنهم سألوا الزاد فقلت لهم لكم كل عظم وروثة".