تكمن عبقرية النبي صلى الله عليه وسلم في النقلة الهائلة لمجتمع لا يعرف المشاعر، ولا يقدر الطفل ناهيك عن البنت، ليقف النبي صلى الله عليه وسلم وهو معلوم قدره في الدين الدنيا، ليسلم على الأطفال ويمازحهم.
يقول أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع: لي عشرة من الولد، ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إن من لا يرحم لا يرحم".
وجاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تقبلون الصبيان، وما نقبلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مالك وقد نزع الله تعالى الرحمة من قلبك".
عدم ترويع كلبة وأولادها
ولما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة رأى كلبة تهش على أولادها وهن حولها يرضعنها، فأمر رجلا من أصحابه يقال له جعيل بن سراقة أن يقوم حذاءها، لا يعرض أحد من الجيش لها، ولا لأولادها.
وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشق على أمتي لأحببت ألا أتخلف خلف سرية تخرج في سبيل الله، ولكن لا أجد ما أحملهم عليه، ولا يجدون ما يتحملون عليه، وشق عليهم أن يتخلفوا بعدي".
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعذر أبا بكر من عائشة ولم يظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينال منها بالذي نال منها، فرفع أبو بكر يده، فلطمها، وصك في صدرها، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وقال: " يا أبا بكر ما أنا بمستعذرك".
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين؟عطفه على الصغير
كما يقول أنس رضي الله تعالى عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل معه على ابنه إبراهيم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه، وروى ما شاء الله أن يقول.
قال أنس: فلقد رأيته، وهو يجود بنفسه بين يدي
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك با إبراهيم محزونون».
ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو؟ فأغضباه، فلعنهما، وسبهما، فلما خرج قلت له: يا رسول الله من أصاب منك خيرا فما أصاب هذان منك خيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو ما علمت ما عاهدت عليه ربي عز وجل؟» .
قالت: قلت: وما عاهدت عليه ربك؟ قال: «قلت اللهم أيما رجل سببته أو لعنته، أو جلدته فاجعلها له مغفرة، وعافية وكذا وكذا».
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما غرت على أحد من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، وما ذلك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، وإن ليذبح الشاة فيتبع بها صدائق خديجة رضي الله تعالى عنها فيهديها لهن.