الشخص الذي تتوق نفسه إلى السعادة عبر "تعاسة أقرانه" لابد وأن يعتزل الناس ويتوقف عن المخالطة مؤقتاً، لإنه في الحقيقة (مريض) لا يدرك مرضه، ولابد وأن يبدأ مراحل علاجية "إيمانية" ليقنع نفسه بأن "الله عزوجل" أعطى كل إنسان من النعم ما يختلف عن أقرانه، وأن يوقن عبر "التوكيد الذاتي" بأن "الخالق" جعلنا درجات ومستويات.. "فالحمدلله الذي هدى أمة محمد للإيمان والتوحيد.
لماذا ينبغي مقاومة الحسد والحاسدين؟!
السبب بصراحة يكمن في أن
الحاسد عنصر "فاسد متخف" لأبعد الحدود، ولذلك هو شخص غير موثوق أخلاقياً كونه يستخدم هالة النظر الثاقبة ويقنص بها أقرانه مثل الرصاص الحي، وهو أمر ذكره أهل العلم من السلف وأكدت عليه الدراسات الحديثة في "علوم الطاقة" بشأن الهالة البشرية وتأثير التمني بالإرسال والتواصل الأثيري من الحاسد إلى المحسود.
لذلك فإن "الحاسد" ليس مقبولاً لدى الآخرين كونه ينظر إلى إنجازات إخوانه بضجر ويمنعهم من تطوير أنفسهم بدوافع قلبية ونفسية غير ظاهرة تمثل نوع من المقاومة الخبيثة لحق الآخرين في المرور والإنجاز والإبداع، فضلاً عن رغبته الدائمة في الوقيعة بين الأزواج المتحابين أو الأشخاص الهادئين أو الشباب الواثقين، و"الحاسد" معارض دائم للأفكار المنتجة كونه يفتقد لروح الإبداع في أغلب الأحيان، وهو لم يتخلى عن نزعة الفساد الروحي عبر النظر والتدقيق في حياة الآخرين.
اقرأ أيضا:
التخنث لدى البنات والأولاد ظاهرة مزعجة.. كيف نواجهها؟الحاسد المتمرس
أما الحاسد المتمرس صاحب الخبرة، فلا يمكنه أن يقاوم رغبته في إزاحة منافسيه بشتى الوسائل سواء بالوشاية أو الدسائس أو بصناعة المواقف وتشويه السمعة بالمكر والحيلة، ولا يمكن له إلا القيام بدور "المأمور الذي ينفذ الأوامر، فهو لا يملك الحدس الكافي الذي يمنحه "السلام النفسي" و"الصفاء القلبي" وليس لديه آلية لوضع نفسه مكان الآخرين "المحسودين" والنظر في عواقب سعيه غير المنضبط، فهو يحتاج إلى جهد مضاعف للعلاج ويحتاج كذلك للنصيحة المباشرة وبعض المواقف العملية.
ولأن لهذا الموضوع مرجع عقائدي، ومرجع آخر في علوم الطاقة ونظريات الجذب بشقيها الإيجابي والسلبي، فإن الحسد يحتاج إلى برامج وقائية (جماعية وفردية)، فالبرامج الجماعية لابد وأن تدعم من "الدولة" عبر الأفلام والمسلسلات والإعلانات الترويجية والحملات التسويقية والتي تروج للقيم وتنشر (الإيمان والإمتنان للآخرين والحب والتآلف) بهدف تخفيف حدة الطاقة السلبية المنتشرة في البلاد وحتى يظهر فيها الرخاء وتزداد مواردها، والبرامج الفردية كذلك تخص الأفراد من خلال الحماية الإيمانية عبر الأذكار والقرآن والتعاون على البر والتقوى من خلال "الجمعيات الخيرية" والجهود الفردية الإنسانية التي تبتعد عن تحصيل مكاسب دنيوية، ليكون فعل الخير خالصاً، وربما مثل هذه الأمور ترقق قلوب الحاسدين بشكل تدريجي، وهي تدفع الأسر والعائلات نحو نهج تربوي (غير مقصود) تقوم به الدولة بشكل غير معلن وبهدف تأليف القلوب ونشر التراحم وحب الخير للآخرين.
وبعيداً عن "التصور النرجسي" للأحداث أو "التخيل غير الواقعي"، إلا أن عملية حماية الأمم من الحاسدين والماكرين، تؤتي أكلها، فاختبار القادة الجدد، وتدريب المديرين والعاملين على القيم التربوية - المؤسسية سيكون له أثر على تعديل السلوك الجمعي، وضبط "بوصلة المنافسة" ونزع الحسد من النفوس، بحيث تكون المنافسة المهنية محلاة بالحب والإيثار والمساعدة المتبادلة.
[email protected]