رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعدل الناس في كل معاملاته فهو الذي وصفه ربه بأجل وأجمل صفة فقال (وإنك لعلى خلق عظيم).
وقد كان صلى اله عليه وسلم أعدل زوج بين أزواجه، فهو من حبه وملاعبته وحلمه ووفائه، وعدله ناشئ عن الشعور بالمسؤولية، ومن فِطرة الله تعالى له على الحق والعدل وبعثه بهما.
فقد كان صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة - رضي الله عنها - : " لا يفضِّل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان قلَّ يوم يأتي إلا وهو يطوف علينا جميعًا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبغ إلى التي هو يومُها فيبيت عندها " أبوداود .
ولم يكن يتغير حاله صلى الله عليه وسلم في العدل تبعًا لتغير أحواله سفرًا وحضرًا، بل لقد كان يعدل في سفره كما يعدل في حضَره، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه فأيَّتهُن خرج سهمُها خرج بها معه، قالت: وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم " البخارى. تعني بذلك لمَّا كبرت، وأضحت لا إربة لها في الرجال.
وكان من عدله صلى الله عليه وسلم بينهن أنه كان إذا تزوج ثيِّبًا أقام عندها ثلاثًا لإيناسها، ثم يقسم لها كسائر نسائه، كما روت أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام عندها ثلاثًا، وقال لها : "إنه ليس بك على أهلك هوان، إن شئتِ سبَّعت لك - أي : أقمت عندك سبعاً - وإن سبَّعت لك سبَّعت لنسائي " قالت: " ثلِّث " مسلم .
ولقد بلغ به الحال في عدله صلى الله عليه وسلم أنه لم يفرِّط فيه حتى في مرض موته، حيث كان يُطاف به عليهن في بيوتهن كل واحدة في نوبتها، قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها-: " لمَّا ثقُل النبي صلى الله عليه وسلم، واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرَّض في بيتي فأذنَّ له... " الحديث - البخارى .
وفي رواية قالت: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه: أين أنا غدًا؟ يريد يوم عائشة، قالت: فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها، قالت: فمات في اليوم الذي كان يدور عليَّ فيه في بيتي، فقبضه الله وإن رأسه لبين نَحْري وسَحْري وخالط ريقه ريقي“ البخاري.
ومع ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من كمال العدل بين نسائه في كل ما يقدر عليه مما هو (فى يده) فإنه مع ذلك كان يعتذر إلى الله تعالى فيما لا يقدر عليه مما هو ) خارج عن نطاق التكليف، كما قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها-: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: " اللَّهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" ( أبو داود ) وهو يعني بذلك القلب كما فسَّره به أبو داود، وقيل: يعني الحب والمودة، كما فسره الترمذي، والمعنى: أن القسمة الحسِّية قد كان صلى الله عليه وسلم يوفِّي بها على الوجه الأكمل لأنها بيده، لكن القلب بيد الله، وقد جعل فيه حب عائشة أكثر من غيرها، وذلك خارج عن قدرته وإرادته.
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين؟اقرأ أيضا:
حينما تأتيك المصائب فجأة وتشتد عليك الدنيا.. اقرأ هذه القصة