لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية يسن عند دفن الميت تذكير الناس بالموت وموعظتهم وحثهم على الاستعداد للدار الأخرة، والعمل لما بعد الموت؛ وقد دلت على ذلك النصوص،فقد ترجم البخاري في صحيحه: باب موعظة المُحدّث عند القبر وقعود أصحابه حوله
وبحسب الفتوي المنشورة علي الصفحة الرسمية لمجمع البحوث الإسلامية فقد ورد عن علي -رضي الله عنه-كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي ﷺ، فقعد، وقعدنا حوله، ومعه مِخصرة،فنكس، وجعل ينكتُ بمخصرته، ثمّ قال: "مَا مِنكُمْ من أحد ما من نفس منفوسةإلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كُتبتْ شقية أو سعيدة)،
سيدنا علي رضي الله عنه تابع في حديثه الشريف عن النبي فقال رجل لرسول الله: أفلا نتكل على كتابنا، وندع العمل، فمن كان من أهل السعادة فسيصيرإلى عمل أهل السعادة، وأمًا من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، قال: (أمّا أهل السعادة فييسّرون لعمل السعادة، وأمّا أهل الشقاوةفييسّرون لعمل الشقاوة، ثم قرأ: (فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى) (الآيتان5: 6من سورة الليل).
وفي نفس السياق أشارت لجنة الفتوي بالمجمع إلي قول ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري: فيه جواز القعود عند القبور والتحدث عندها بالعلم والمواعظ. انتهى وبذلك يعلم أن الوعظ عند القبر أمر مشروع قد فعله النبي ﷺ. . . .
الفتوي أشارت كذلك إلي أنه يسن عند الفراغ من دفن الميت الانتظار والدعاءله، وسؤال الله له بالتثبيت عند السؤال، لحديث عثمان -رضي الله عنه- قال:"كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلواله التثبيت؛ فإنه الآن يسأل "، وعن ابن مسعود رضي الله عنه-: «كان النبي - ﷺ- يقف على القبر بعدما يسوي عليه، فيقول: اللهم نزل بك صاحبنا، وخلف الدنيا خلف ظهره اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به.
وطبقا للفتوي فقد رأي الإمام الترمذي أن الوقوف على القبر، والسؤال للميت في وقت الدفن، مدد للميت بعد الصلاة عليه مشيرة لحديث الرسول "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل " عموم، فيجوز الدعاءفرادى، كما يجوز أن يدعو أحدهم جهراً، ويؤمّن الناس على دعائه؛ على أصل مشروعيةالدعاء وهيئته؛ إذ لا مخصص.
.
اقرأ أيضا:
هل يصح صيام وصوم النفساء عند ارتفاع الدم قبل الأربعين؟الفتوي أشارت إلي ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عبد الله بن أبي بكر، قال: كان أنس بن مالك إذا سوي على الميت قبره قام عليه، فقال: اللهم عبدك ردإليك فارأف به وارحمه، اللهم جاف الأرض عن جنبه، وافتح أبواب السماء لروحه، وتقبله منك بقبول حسن، اللهم إن كان محسنا فضاعف له في إحسانه، أو قال: فزد في إحسانه،وإن كان مسيئا فتجاوز عنه.
وضربت فتوي مجمع البحوث مثالا علي ذلك بالقول : لا يعلم لفظه إلا لمن سمعه، وسماع الغير له يستلزم الجهر به، وجهر أنس بن مالك به وهو من كبار الصحابة مع عدم الإنكار عليه فيه دلالة على مشروعية الجهر بالدعاء عند القبر،ولا يقبل عقلا أن يرفع الجميع أصواتهم بالدعاء كل بقول مخصوص عن الآخر، وإلا لزم التشويش، ومثله لا يصدر عن آحاد المسلمين فضلا عن كبار الصحابة والتابعين، فلم يبقإلا أنه كان يدعو والحاضرون يؤمنون خلفه. وعليه فلا ينبغي الإنكار على من جهربالدعاء والناس خلفه يؤمنون، إذ الأمر فيه متسع، فمن شاء دعا سرا، ومن شاء دعاجهرا، وكله نفع للميت.