يمر على كل إنسان لحظات ضعيفة، يحتاج لمن (يطبطب) عليه ويواسيه خلالها، كثير منا للأسف يختار أحدهم لكي يواسيه، يتصور أن الحل بيديه، وينسى أو يتناسى تمامًا، أن صاحب كل الحلول موجود، فالله أقرب ما يكون للعبد إذا لجأ إليه، وهو ساجد.
قال تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ » (البقرة:186).
في كل الأحوال الجأ إلى الله، لو أردت معاتبة أحدهم، الجأ إلى الله، فلو كان للعتاب نتيجة لما أسرها نبي الله يوسف عليه السلام في نفسه.. ولو أردت أن تروي معاناتك في أمر ما، الجأ إلى الله، لأنه ولو كان لمخالطة الناس في الحزن أثر لما تولى نبي الله يعقوب عليه السلام عنهم.
وإذا أردت أن تبوح بإثمك أو ذنبك أو ألم طالك، الجأ إلى الله.. فلو كان في البوح فرج لما نذرت السيدة مريم عليها السلام ألا تكلم اليوم انسيا.. انكسر مع الله.. فانكسارك أمامه فيه كل الاستقامة.
اظهار أخبار متعلقة
لماذا الانكسار أمام الله؟
قد يقول قائل، ولماذا بالأساس ننكسر أمام الله عز وجل، علينا أن ندعو وفقط.. والإجابة ببساطة:
- لأنه القادر على كل شيء ويستطيع جبر كسرك في لحظة واحدة
- لأنه لن يخذلك أبدًا
- لأنه لن يفضحك أو يعايرك يومًا ما أبدًا
- لأنه لن يحصل على مقابل ذلك
- لأنه وعدنا بأن من يلجأ إليه لا يمكن أن يرده غير مجبور الخاطر
فقد جاء في الأثر أن نبي الله موسى عليه السلام قال: أي رب، أين أبغيك؟ قال: «ابغني عند المنكسرة قلوبهم»، أي أن الله يكون بجوارك طوال هذه الفترة، فكيف بك أن تبتعد عنه!
اقرأ أيضا:
كيف تكن في الصلاة مع الله بقلبك وبكل جوارحك ليتقبلك؟الذل لله فخر
عزيزي المسلم، إن المذلة لله كل الفخر، لأنه كما قلنا لن يخذلك أبدًا أو يفضحك، وإنما يرفعك أمام الناس، دون أن يشعر أحد أو يعلم أحد أنك تذللت للخالق القهار.
قال تعالى مبينًا لماذا يستجيب للمنكسرين أمامه: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ » (الأنبياء: 90).
الأساس في العلاقة بين العبد وربه، أن يظهر العبد لله أنه فخر بهذه العبودية، ومقابلها، أن يرفع الله ذكره بين الناس في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: «وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ » (لقمان: 32)، فإياك أن تكون من الجاحدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين.