أكثر ما يتعرض له الإنسان من الحزن عند فراق الأحبة ، ولا يوجد شيء يخفف عنه إلا المواساة بالكلمات الطيبة، وكلما كانت الكلمات أكثر مواساة، كلما كان التخفيف عنه أفضل.
ومما ورد من الآثار بضرورة الصبر عند المصائب أن " الجزع لا يعيد الفائت بل يسعد الشامت".
مواساة النبي لأصحابه
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس مواساة لأصحابه، عند نزول المصائب والشدائد أو فراق محبوب.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد بعض أصحابه فسأل عنه فقالوا: يا رسول الله ولده الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل عن بنيه، فقال: يا رسول الله هلك.
فعزاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا فلان أيما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك أو لا تأتي غدا بابا من أبواب الجنة إلا وجدته وقد سبقك إليه، فيفتحه لك؟
فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقه إلى باب الجنة أحبّ إلي من التمتع به في دار الدنيا، قال: ذلك لك.
وعن معاذ بن جبل أنه قال: مات لي ابن، فكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل، سلام عليكم، فإني أحمد الله الملك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فعظم الله لك الأجر، وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، ثم اعلم أن أنفسنا وأموالنا وأهلنا وأولادنا من مواهب الله تعالى الهنية وعواريه المستودعة، يمتعنا بها إلى أجل معدود ويقبضها لوقت معلوم، ثم فرض الله تعالى علينا الشكر إذا أعطى، والصبر إذا ابتلى، وكان ابنك من مواهب الله الهنية وعواريه المستودعة.. متعك الله به في غبطة وسرور، وقبضه بأجر كبير إن صبرت واحتسبت، فاصبر واحتسب، واعلم أن الجزع لا يرد ميتا ولا يطرد حزنا.
اقرأ أيضا:
10فضائل لصدقة التطوع علي الفرد والمجتمع ..ولهذا تعد الصدقة الجارية أعظم أجراليس مع العزاء مصيبة ولا مع الجزع فائدة
وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه إذا عزى أحدا قال: ليس مع العزاء مصيبة ولا مع الجزع فائدة، والموت أشد مما قبله، وأهون مما بعده، فاذكر مصيبتك برسول الله صلى الله عليه وسلم تهن عليك مصيبتك.
وجاء في مناقب الشافعي :أنه بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي مات له ابن فجزع عليه جزعا شديدا، فبعث إليه الشافعي رحمه الله يقول: يا أخي عز نفسك بما تعز به غيرك واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، واعلم أن أشد المصائب هي فقد سرور وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ ألهمك الله عند المصائب صبرا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرا.
وحكى العابد والفقيه عبد الله بن المبارك قال: مات لي ابن فمرّ بي مجوسي وقال: ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد خمسة أيام، فقال: اكتبوها منه.